التعليم هو حجر الزاوية في بناء المجتمعات والأوطان، وأي تغيير نحو مستقبل أفضل لابد وأن يمر عبر بوابة التعليم وبدونه لايمكن النجاح ومعانقة التطور والتقدم، بل لايمكن الحديث عن حاضر مشرق. المنطق وواقع الشعوب يقول إن التعليم هو الأداة الأساسية لصنع التغيير ويجب أن لايتحول إلى وسيلة ضغط سياسية بإيقافه وإغلاق مؤسساته لأجل تحقيق مكاسب حزبية أو سياسية ، فهو كغيره من الحقوق الأساسية لأفراد المجتمع يجب أن يظل بعيداً عن أية خلافات أو صراعات سياسية،وواهم من يعتقد بأن إيقاف التعليم وإغلاق مؤسساته تحت تهديد السلاح والترهيب هو وسيلة ضغط لتحقيق التغيير كما يروج البعض ، لأن الحقيقة الوحيدة هي أن التعليم حق أساسي لعامة الشعب وليس تابعاً لهذا النظام أو ذاك ، وبالتالي فإن المتضرر والخاسر الوحيد من إيقافه هم أبناؤنا وأيضاً وطننا الذي ستلحق به أضرار فادحة في حاضره ومستقبله المأمول والمنشود. مادفعني إلى تناول هذا الموضوع هي تلك الدعوات التي دأب البعض على ترويجها في الآونة الأخيرة حول ضرورة إيقاف العملية التعليمية، بحجة أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد في الفترة الراهنة تتطلب اتخاذ مثل هذه الخطوة (حسب زعمهم) مع أن المفترض هو العكس تماماً، أي أن دعوات التغيير هذه يجب أن تكون قائمة على العلم واحترام حقوق الآخرين، وليس على إيقاف التعليم ومصادرة الحقوق، فكيف يستقيم أن ندعي بأننا نسعى إلى صنع مستقبل أفضل للوطن وأبنائه في الوقت الذي نقوم فيه بسلب الآخرين حقوقهم ونمنعهم من الحصول عليها وممارستها وفي مقدمتها حق أبنائنا في التعليم وتضييع سنة دراسية كاملة عليهم؟! وماذا لو أن هذه الأوضاع المتأزمة استمرت لسنوات قادمة (لاقدر الله) هل يعني ذلك أنه سيتم إيقاف العملية التعليمية أو إلغاؤها نهائياً، طالما وهذه الظروف الاستثنائية (حسب قولهم) لاتزال قائمة؟! إن خطورة مثل هذه الدعوات إضافة إلى أنها تَحرم أبناءنا من الحصول على حقهم في التعليم ،تكمن في أنها تؤسس لانفلات العملية التعليمية وتشرعن لإمكانية تكرار إيقاف التعليم إذا ماحدثت أبسط أزمة أو مشكلة مستقبلاً، الأمر الذي يعني إخراج العملية التربوية والتعليمية من سياقها وأهدافها السامية والعظيمة إلى سياق المزاجية التي ستجعل معها كل حزب أو جماعة أو حتى قبيلة تقرر ساعة تشاء ووقت تشاء إيقاف العملية التعليمية والإضرار بأبناء هذا الوطن من أجل تحقيق مآرب شخصية أو مكاسب سياسية لاعلاقة لها بالوطن أو مستقبل أبنائه. [email protected]