أخبرني صديق يعتمل في نفسه غير قليل من الرعب حيث قال: إن هناك قائمة سوداء صممها الثوار أدرجوا اسمي فيها لأني لم أذهب إلى الساحة وأنت تعلم أني لست حق ساحات، لا أحب التصفيق ولا الهتاف ولا أجيد النشيد والغناء.... فمنذ أن كنت قومياً قبل خمس عشرة سنة تبت إلى الله من الحزبية، وأعفيت المخبرين من تتبعي في الصباح والمساء، وخاصة بعد أن دخلت السجن المظلم في منتصف السبعينيات وظللت فيه فترة يداخلني الرعب، لولا أحد أقربائي كان مسؤولاً ضمن عليّ فأفرج عني وبعد أن عملت تعهداً أن لا أعود للعمل الحزبي اللعين حين كان العمل الحزبي محظوراً ملعوناً . هل سيصدق أصحاب القائمة السوداء أني لم أعد أحب الاشتراك في أي نشاط ثوري أم رجعي؟ أخشى أن يعاقبوني إذا انتصروا إنني أدعو إلى الثورة ضد الظلم والظالمين من أي جهة كانوا وفي أي جهة وقعوا ولكن فيما بيني وبين نفسي وفيما بيني وبين ربي ...آه ياأخي أنا خائف .. ماذا أعمل وكيف أصنع .. قمت أهدىء من روع صديقي الذي كان حزبياً وسألته الأسئلة الآتية : هل سرقت حق أحد؟ هل ظلمت أحداً؟ هل أجرمت؟ هل يستطيع احد أن يقطع رزقك إلا الله وقد انتهى أجلك؟ هل يستطيع أحد أن يضرك أو ينفعك إلا الله ولو اجتمع لذلك الإنس والجن ، قال لا .. قلت فلم الخوف إذن ومم هذا الهلع ؟ إن المؤمن لايخشى إلا الله، والله هو الذي يرزق الدودة في الصخرة الصماء وهو المطلع على السر وأخفى ففيم الرعب . فلا قائمة سوداء ولا حمراء ولا صفراء تستطيع أن تنال منك .. إن أصحاب هذه القوائم لايملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ، ومايدريك أن تصبح هذه القوائم نكالاً عليهم وخراباً لبيوتهم.. وفي التاريخ كثير من هذه الحكايات التي تقص على الأمم قصص الظالمين المتكبرين.. إن هذا السلوك يعكس نوعاً من الغرور بدافع المراهقة والخذلان والشقاء .. لا تخف يا أخي ولاتبتئس وإذا كان الله قد كتب عليك بعض عنت وعذاب فهو ابتلاء، فاحمد الله عليه وأمر المؤمن كله خير . اتق الله وكن مؤمناً ولاتبالي بتهديد ووعيد واسأل مثلي الهداية لهؤلاء ، فلربما أبتلى الله بهم بعض أهل النوايا الطيبة ، فاندسوا بينهم ليشوهوا هذه النوايا التي نسأل الله أن تكون خالصة لوجهه الكريم بلا رياء أو سمعة أو ارتزاق .