منذ ثمانية أشهر مضت وشعبنا اليمني يتكبد المعانات ويتجرع المرارات جراء الأزمة السياسية العصيبة التي تتطور أحداثها المؤسفة يوماً بعد آخر لتصل الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم من تداعيات خطيرة تنذر بكارثة كبيرة لا سمح الله في حال عدم احتوائها وإعمال الحكمة والعقل وإحلال لغة الحوار بدلاً عن لغة القوة.. وصوت العقل بدلاً عن صوت أزيز الرصاص وهدير المدافع والدبابات . ثمانية أشهر مضت وشعبنا اليمني ينتظر بفارغ الصبر أن تنجلي هذه الغمة وتنقشع السحابة السوداء التي خيمت فوق سماء الوطن الحبيب.. ثمانية أشهر وشعبنا ينتظر مع إشراقة كل يوم جديد انفراج الأزمة وعودة الحياة العامة إلى طبيعتها كما كانت قبل شهر فبراير مطلع العام الجاري حيث أثرت الأزمة الحالية وتداعياتها المؤسفة بشكل كبير على الحياة المعيشية لكافة فئات الشعب اليمني وخصوصاً فئة العاملين بالأجر اليومي وحتى أصحاب المصانع والشركات وتجار الجملة والتجزئة حيث توقفت حركة البناء والإعمار سواء الشخصي أو الاستثماري أو المشاريع التنموية وهو ما أدى إلى توقف مصادر الدخل لشريحة كبيرة من أفراد المجتمع والذين أصبحوا عاجزين عن توفير متطلبات الحياة المعيشية لهم ولأسرهم كما تسببت الأزمة بإصابة الحركة الصناعية والتجارية بخسائر فادحة جراء تدني مستوى حركة البيع والشراء إلى أدنى مستوياتها ..كما تسببت هذه الأزمة في إحداث تصدع كبير في العلاقات الاجتماعية على مستوى الأفراد والجماعات بشكل عام.. بين زملاء العمل والدراسة والأصدقاء وحتى على مستوى الأسرة الواحدة نتيجة الآراء والمواقف المؤيدة والمعارضة لمن يطالبون بإسقاط النظام من خلال الانقلاب على الشرعية الدستورية والنهج الديمقراطي أو لمن يطالبون بالحفاظ على الشرعية الدستورية والانتقال السلمي للسلطة وفقاً للأسس الدستورية والديمقراطية عبر صناديق الاقتراع والقبول بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ما من شك أن اليمن أصبحت في مفترق طرق ولذلك يجب على أطراف الأزمة التوجه نحو طاولة الحوار لصياغة وثيقة وفاق واتفاق بإشراف إقليمي ودولي لضمان تنفيذ ما سيتمخض عنه الحوار وما ستتضمنه وثيقة الوفاق والاتفاق الوطني من قرارات هامة تحدد مصير الوطن والشعب.. فالحوار هو الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة العصيبة سلمياً ولذلك فلا بد من بقاء كل الطرق ممهدة والأبواب مفتوحة أمام دعوات الحوار وعدم إغلاقها نهائياً لأن البديل عن الحوار هو الحرب لا سمح الله وهنا ستحل الكارثة وسيكون الشعب هو الضحية.. فهل آن الأوان لترك حوار البنادق والرشاشات والمدافع والدبابات واستبدال ذلك بحوار العقول والاحتكام لكتاب الله وسنة رسوله الكريم واتباع أوامر المولى تعالى بالدخول في السلم وعدم اتباع خطوات الشيطان ؟وهل آن الأوان لأن يقول عقلاء أحزاب اللقاء المشترك كلمتهم التي ينتظرها الشعب (إلى هنا وكفى) فقد جربتم كل الوسائل جميعاً والتي باءت بالفشل.. فهل تجربون وسيلة الحوار كونها الوسيلة الأمثل والأنجع لتحقيق الوفاق والاتفاق وإخراج الوطن من هذه الدوامة التي يعيشها وضمان الانتقال السلمي للسلطة وتحقيق التغيير المنشود وتحقيق الشراكة الوطنية في السلطة والثورة وصياغة حاضر ومستقبل اليمن بعيداً عن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة فالوطن أكبر من الأحزاب وأغلى من المصالح الشخصية.