في منتصف ليلة أمس السبت توقفت عقارب الساعة عند الرقم “12” معلنة حلول العام الميلادي الجديد 2012م الذي يحل على شعوب المعمورة كافة في ظل ظروف استثنائية غاية في الصعوبة والتعقيد تعيشها الكثير من البلدان وخصوصاً الدول العربية التي شهد عدد منها على مدى العام المنصرم 2011م أحداثاً مأساوية ومازالت تشهدها حتى اليوم جراء التداعيات المؤسفة الناتجة عما يسمى ب “الربيع العربي ثورة الشباب انتفاضة الشعوب” والتي كان قد بشر بها الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ووزيرة خارجيته كوندليزا رايس من خلال ما أسموه ب“الفوضى الخلاقة” كمقدمة لتحقيق المشروع الصهيوني “الشرق الأوسط الكبير” والذي تم الإعداد والتحضير له على مدى سنوات طويلة مضت وتهيئة الظروف والأجواء وتوفير الإمكانات البشرية والمادية والإعلامية لتنفيذه، فكانت البداية في تونس ثم مصر واليمن والبحرين وليبيا وسوريا, وجميعنا يعلم النتائج المؤسفة للأحداث التي تشهدها هذه البلدان على مدى العام المنصرم 2011م ومازالت تشهدها حتى اليوم. لا يستطيع أحد أن ينكر أن أبناء الشعب اليمني وعلى مدى عشرة أشهر من العام الماضي عاشوا أياماً وليالي عصيبة عانوا خلالها كل أنواع المعاناة والمرارات، ولا يستطيع أحد أن ينكر أن اليمنيين شهدوا مآسي حقيقية جراء التداعيات المؤسفة التي أفرزتها الأزمة السياسية التي بدأت باعتصامات ومسيرات سلمية ثم تحولت إلى أعمال فوضى وتخريب ومواجهات دموية نتج عنها إزهاق أرواح بريئة وسفك دماء زكية.. شباب في مقتبل العمر وأطفال في عمر الزهور وجنود وضباط ومواطنون ورجال ونساء من مختلف الأعمار رحلوا عن دنيانا الفانية، قسراً نساء ترمّلت وأطفال يُتمت وآباء وأمهات قلوبهم مكلومة بالحزن لمصابهم بوفاة أحد أبنائهم جراء استخدام لغة السلاح بدلاً عن لغة الحوار والعقل والمنطق لتحقيق التغيير المنشود. لا يستطيع أحد أن ينكر أن التداعيات المؤسفة للأزمة منذ اندلاعها في فبراير وعلى مدار أشهر العام الماضي تسببت في تعريض مقدّرات الوطن للتدمير وتوقيف عجلة التنمية والبناء والإعمار وحركة السياحة وتضررت كذلك القطاعات الصناعية والإنتاجية العامة والمختلطة والخاصة مما أدّى إلى زيادة البطالة واتساع دائرة الفقر، كما لا يستطيع أحد أن ينكر أنه تم تعميم ثقافة الفوضى والتخريب والحقد والكراهية بشكل مؤسف. لقد ودّعنا منتصف ليلة أمس العام الميلادي 2011م بكل مآسيه وآلامه واستقبلنا العام الجديد 2012م والذي ندعو الله بقلوب خاشعة أن يكون عام خير وسلام على شعوب الأمة العربية والإسلامية كافة وعلى وطننا وشعبنا اليمني بصفة خاصة، ونتطلّع بآمال كبيرة أن يعم الأمن والاستقرار أرجاء وطننا الحبيب وأن يتحقق الوفاق والاتفاق وتنتهي كل التوترات والأعمال التصعيدية وتعود الحياة إلى طبيعتها والسير في طريق الانتقال السلمي الديمقراطي للسلطة وتحقيق التغيير الذي ينشده كل أبناء اليمن وبناء الدولة المدنية الحديثة التي تتحقق فيها العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع ودون وساطة أو محسوبية أو مراكز نفوذ مشائخية أو قبلية أو حزبية أو اجتماعية. نتطلّع أن يكون العام الجديد 2012م عاماً استثنائياً في حياة اليمنيين تتم فيه معالجة كل القضايا والأضرار التي خلّفتها الأزمة وإعادة إعمار ما تم تدميره.. نتطلّع أن يتسامى الجميع فوق الجراحات ويتركوا الماضي خلف ظهورهم وفتح صفحة جديدة عنوانها “يمن جديد” خالٍ من الأحقاد والضغائن والثأرات والنعرات الانفصالية والطائفية والمذهبية والمناطقية وخالٍ من الفساد والمفسدين.. يمن جديد يخضع فيه الجميع للدستور والنظام والقانون, ويضع الجميع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الشخصية والحزبية.