كثيرة هي المجالس والمقايل التي يتجمع فيها شبابنا يومياً للاستراحة من عناء العمل وتبادل أطراف الحديث عن القضايا الاجتماعية والسياسية والوطنية والعالمية . والجميل في الأمر أن بعض هذه المجالس قد أصبحت منتديات ثقافية تجعل من يرتادها ملماً بكل جديد غير أن بعضها أصبحت أماكن مضيعه للوقت لا تجد فيها إلا الكلام غير المجدٍ والذي يضر ولا ينفع . في إجازة عيد الوحدة اليمنية بالضبط زرت احد الأصدقاء في منزله وقد خصص احدى غرف البيت الكبيرة لاستقبال من يحبهم من أصدقاء وجيران وزملاء أقعدني بمقدمة المجلس وجلسنا نتكلم عن ما تعانيه بلادنا الحبيبة من أزمات في مختلف الجوانب كان المجلس قد امتلأ حينها لاحظت امراً ساءني انقسم المجلس إلى قسمين كل قسم يساند طرفاً من أطراف الأزمة اليمنية الراهنة كان كل طرف يحمل الطرف الآخر مسؤولية ما آلت إليه البلاد ثم بدأ الطرفان بالتفاخر بالحجم الذي يخرجون فيه إلى الشارع للتظاهر وكل شخص مقتنع تماما انه على صح والآخر هو المخطئ خرجت من المجلس وقد أرهقني تبادل التهم والكلمات الجارحة التي يقولها بعضهم عن شخصيات وطنية مرموقة .وفي إجازة السادس والعشرين من سبتمبر يوم العيد الوطني للثورة اليمنية الخالدة قمت بزيارة صديقي في نفس المجلس وقعدت بنفس المكان فوجدت نسخة من الجلسة الماضية ورأيت نفس الأشخاص يتكلمون عن نفس الكلام الذي سمعته قبل أربعة أشهر غير أن اللهجة قد تصاعدت فقد أصبح الشباب يتكلمون عن القدرات العسكرية التي يمتلكها الطرفان وان كل طرف قادر على حسم الأمر عسكرياً الغريب في الأمر أن هناك في المجلس شقيقين قد اختلفا في الرؤى والأفكار والقناعات لم أتمالك نفسي فقلت بصوت عالٍ (يا شباب تتكلمون بكل بساطة عن الحسم العسكري فهل سيكون هذان الشقيقان يوماً من الأيام في معركة قتالية ضد بعضهما) عمت المكان لحظة صمت خرجت من المجلس وكلي أمل أن يستوعب الشباب المشكلة العويصة التي تواجها البلاد ليقوموا بدور ايجابي يجنب البلاد ويلات الحرب والدمار ولدى عودتي إلى المنزل قلت لنفسي ألم يحن الوقت لتجلي الحكمة اليمانية فنحن بحاجتها اليوم أكثر من أي وقت مضى الحكمة التي عرفها العالم اجمع في كل المراحل والمنعطفات التاريخية التي مرت بها اليمن والتي تقوم علي التشاور والتحاور وتقبل الآخر أليس الأحرى بنا جميعاً أن نقف وقفة تقييم واستشعار للمسؤولية التي تقع على عاتق كل يمني وطني غيور علي وطنه وشعبه ومكتسباته وندعو كافة أطياف العمل السياسي إلى تحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية العليا والوصول إلى حل سلمي يحقن الدماء ويعيد المياه إلى مجاريها فلو تصاعدت الأزمة وتفجرت حرب لا قدر الله فما هي الفائدة التي ستجنيها البلاد غير الخراب والدمار والقتل وتشريد المواطنين؟. إذن فهي دعوة لكل يمني وطني سواء كان من صناع القرار أم كان مواطناً عادياً فكروا وقرروا فالوطن لا يستحمل مزيداً من الفرقة والشتات, وسفينة الوطن ملك للجميع ونجاتها نجاة للجميع. فلنجند أنفسنا للسلام،للحب،للرحمة، للتوحد، للتآلف، للم الشمل، لحب بعضنا بعضاً لأننا إخوة في الدين والوطن، لأننا أبناء اليمن، مهما اختلفت اتجاهاتنا، و آراؤنا، مهما اختلفت أحزابنا إلا أننا تجمعنا كلمة لا إله إلا الله، ثم حب هذا الوطن الغالي.