شعرت بالارتياح وأنا أتابع مجريات المؤتمر الصحفي الأول لوزير الإعلام الجديد البرلماني علي أحمد العمراني، حيث وضع الوزير العمراني النقاط على الحروف فيما يتعلق بالخط والمسار الإعلامي لوسائل الإعلام الرسمية والمستقلة والحزبية خلال المرحلة الانتقالية والتي ترتكز على التهدئة الإعلامية وإيقاف الحملات الإعلامية المتبادلة والعودة برسالة الإعلام إلى مسارها الصحيح فيما يعود على البلاد والعباد بالخير والنماء والتطوير والتحديث. كلام الوزير العمراني كان واضحاً لا غموض فيه ولا لبس ولا مداهنة، حيث أشار إلى أن المرحلة الراهنة هي مرحلة بناء للوطن وتجاوز كل الظروف التي تعيشها البلاد، ولابد أن تتضافر الجهود من أجل إنجاح حكومة الوفاق الوطني وتهيئة كافة الأجواء من أجل تحقيق التميز المنشود، وحث وسائل الإعلام على الالتزام بالتهدئة الإعلامية والابتعاد عن أساليب التحريض والاستفزاز خلال هذه المرحلة والتي تتطلب أن تلتزم كافة الوسائل الإعلامية بمختلف توجهاتها بالمهنية والحرية المستقلة، الحرية التي لا تجعل من التهويل والكذب والافتراء وسائل لتحقيق أهداف ونوايا شريرة لا تتماشى مع المصلحة الوطنية. فللأسف هناك وسائل إعلامية لاتزال تغرد خارج السرب وتعمل جاهدة على تقويض جهود التسوية الوطنية وتجاوز الأزمة الراهنة بكل مراحلها وفصولها وتداعياتها المؤلمة، ولا أعلم لماذا يصر القائمون على هذه الوسائل الإعلامية على السير عكس اتجاه التيار الشعبي الذي يتوق الأمن والاستقرار وعودة الطمأنينة والخلاص من كل إفرازات الأزمة والاتجاه نحو بناء الدولة المدنية الحديثة التي تمتلك كافة مقومات النهوض والتطور، الدولة التي يحلم بها كل اليمنيين من صعدة إلى المهرة. لطالما قلنا وكررنا بأن الإعلام بكل وسائله سلاح ذو حدين، ومن الضروري أن تتمتع هذه الوسائل بالحرية الكاملة من أجل أداء رسالتها الإعلامية على الوجه الأمثل، ولكن هذه الحرية ينبغي ألا تكون على حساب المصلحة الوطنية وألا تتجاوز القوانين النافذة وألا تستهدف السيادة الوطنية والمكاسب الوطنية الخالدة التي تحققت للوطن. نحن مع حرية الإعلام، ولكن في إطار الضوابط المنصوص عليها في التشريعات القانونية، نريد حرية إعلامية مسئولة خالية من الزيف والكذب والخداع وتزييف الوعي الجمعي لأبناء الشعب، لا نريد أن تتحول وسائل إعلامنا إلى منابر للكذب والتحريض وإيغال للصدور وقلب الحقائق ونشر وإذكاء ثقافة الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الواحد الموحد، نريد أن تلامس وسائلنا الإعلامية الحقيقة وتضع النقاط على الحروف، نريدها أن تنتصر لقضايا وهموم المواطن اليمني الذي يعتمد عليها في استقاء المعلومات والأخبار، نريدها أن تدفع باتجاه إنجاح التسوية السياسية وترك فرصة لحكومة الوفاق الوطني لإنجاز المهام المسندة إليها والسير خلف الحلول السلمية من أجل تجاوز الأزمة الراهنة، هذه الحكومة التي تفاءل الجميع بتشكيلها ومعها بدأوا بالحلم بالغد المشرق والمستقبل الأفضل.. ومن المؤسف جداً أن يصر البعض على وضع العراقيل والعقبات أمامها في محاولة منهم للعودة بالأوضاع في البلاد إلى مربع الصفر، في الوقت الذي تتجه البلاد نحو التغيير الذي كان الهدف الأسمي للشباب الذين خرجوا إلى الساحات، وفي الوقت الذي تضمنت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية العديد من المطالب والأفكار التي طالب بها الشباب منذ الوهلة الأولى، ولم يعد هناك أي مبرر للتصعيد على الإطلاق مادام خيار الخروج إلى الشارع لايزال مطروحاً بعد أن تحول إلى طريقة ديمقراطية مثلى للمطالبة بالحقوق المشروعة والدفاع عن القضايا العادلة، فالمبادرة غير قابلة للاجتزاء أو الحذف والاستبعاد والتجاهل.. هي منظومة متكاملة وستطبق بكل حذافيرها ومن حق الشباب رفضها وإسقاطها إذا ما رأوا أن هناك انحرافاً أو قصوراً في عملية تنفيذها، وهي مهمة منوطة أيضاً بوسائل الإعلام والتي ستكون هي المجهر الذي من خلاله سيتم مراقبة مستوى التنفيذ أولاً بأول من خلال التناولات والتغطيات الصحفية والإعلامية. ولذلك ينبغي الحرص عند تناول هذه القضايا على التحلي بالمصداقية والالتزام بمعايير المهنية والابتعاد عن الإثارة والبلبلة القائمة على الافتراضات والمصادر الموثوقة التي هي في الحقيقة لا تمت للثقة والمصداقية بأدنى صلة، وعلى حكومة الوفاق العمل على العناية الخاصة بأوضاع العاملين في مختلف الوسائل الإعلامية والعمل على تحسين أوضاعهم الوظيفية وبما يتماشى مع طبيعة المهام والمسئوليات الموكلة إليهم والإسراع في إطلاق الكادر الصحفي الذي طال انتظاره، وما نأمله أن يعمل معالي وزير الإعلام الجديد علي تحويل الأفكار والتوجهات التي أعلن عن خطوطها العريضة في مؤتمره الصحفي إلى حقائق ماثلة للعيان لما سيكون لها من انعكاسات إيجابية غير مسبوقة على أداء الوسائل الإعلامية والعاملين فيها. الوزير العمراني أكد أن الحريات الصحفية ستكون في أحسن أوضاعها خلال المرحلة المقبلة، وأنه لا يوجد أي رقيب على الصحفيين غير ضمائرهم، وهذا شيء طيب يدعو إلى التفاؤل، وعلى رجال الإعلام والصحافة أن يكونوا عند مستوى الثقة والمسئولية ويعملوا على صياغة ميثاق شرف يضبط إيقاع عملهم الصحفي والإعلامي ويحول دون وقوعهم في انحرافات وتجاوزات تسيء إلى الرسالة السامية للصحافة والإعلام. نحن مع الإعلام الذي يحارب الفساد والمفسدين انطلاقاً من قيم ومبادئ مهنية وليس من أجل لي الأذرع والاستغلال والمقايضة من أجل المكاسب المادية الرخيصة، لأن من يقومون بمثل هذه الممارسات هم دخلاء على مهنة الصحافة والإعلام وينبغي الوقوف ضدهم ونشر أسمائهم ضمن قائمة سوداء من أجل فضحهم على الملأ لأنهم عناصر هدم وتخريب وإفساد ولن يرتجى منهم أي خير للبلاد والعباد. وهنا أعود وأكرر بأن المرحلة الراهنة بكل تحدياتها وتعقيداتها الجمة تتطلب من وسائل الإعلام التهدئة، باعتبارها ضرورة وطنية من أجل تجاوز البلاد مرحلة الخطورة والانتقال إلى مرحلة الاطمئنان، الصحف والقنوات الفضائية والمواقع الالكترونية والإذاعات وكافة المطبوعات مطالبة بتغليب المصلحة الوطنية والالتزام بالتهدئة لكي يتنفس الجميع الصعداء. نريد تهدئة إعلامية عملية من الجميع تنتهي من خلالها كافة أشكال وصور التصعيد والتأزيم التي تصاعدت عقب التوقيع على المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني ووقف كافة المواجهات المسلحة. التهدئة الإعلامية ضرورية للتقدم في التسوية السياسية نحو الأمامو، التهدئة الإعلامية ضرورية لقطع الطريق أمام من يحاولون جر البلاد إلى مربع العنف والصراعات الدموية من جديد، التهدئة الإعلامية ضرورية من أجل محاصرة ثقافة الحقد والكراهية والعدائية التي بدأت تسري في الأوساط المحلية كما تسري النار في الهشيم والتي عملت العديد من وسئل الإعلام وبعض العاملين فيها على تغذيتها ورفع درجة سخونتها، التهدئة الإعلامية ضرورية لكل يمني يحلم باليمن والجديد والمستقبل الأفضل، التهدئة الإعلامية ضرورية للحيلولة دون الوصول إلى الفوضى الخلاقة، التهدئة الإعلامية ضرورية لأن المرحلة تتطلب ذلك ومن الصعب جداً انفراج الأوضاع في ظل التصعيد الإعلامي والتحريضات السياسية والحزبية.. وعلى كافة الأطراف أن تدرك ذلك جيداً. حفظ الله اليمن واليمنيين وأدام الله علينا نعمة الوحدة والأمن والاستقرار ولا عاش أعداء اليمن. [email protected]