إلى ما قبل عام تقريباً كان الرجل إذا دخل بيته يجد في استقباله زوجة لطيفة، إذا لم تأخذه بالأحضان فحتماً ستأخذه إلى حيث تخلع له حذاءه وتطبطب عليه بعبارات توحي له أنه نبض قلبها وأنها من دونه لن تقوى على العيش.. هكذا كان يعيش معظم المتزوجين لحظات دافئة, ثم وبشكل سريع بدأت الحياة تأخذ مساراً آخر، فالزوجة التي لم يكن يشغل بالها سوى كيف تسعد زوجها وتربي أطفالها صارت تتلون في اليوم الواحد عشرات المرات، هذا لأنها إما ثائرة تقضي وقتها في لعن النظام وإما مؤيدة تؤمن أن الثوار ارتكبوا في حق الوطن خطأ فادحاً!. لم تعد أمنا بلقيس تحب أبانا صالح كما درسنا ذلك في منهج زمان، صارت بلقيس تحقد عليه لمجرد أن أكثر من ثلاثة ملايين شخص انتفضوا على فترة 33 عاماً قضاها صالح بينهم كرئيس! بلقيس لم تعد تهتم بشريك حياتها كما كانت، صارت تصفق لحميد الأحمر أكثر من تصفيقها لزوجها إذا عاد إلى بيته يحمل لها خبر ترقيته في الوظيفة، صارت تتحدث معه عما تبثه قناة سهيل أكثر من أن تبث في روحه حباً من نوع آخر. الحياة اختلفت تماماً، حيث أصبحت الأسرة اليمنية تعيش ثورة في الشارع وثورات في البيوت!. الزوجة التي تحب الرئيس لا تجد مانعاً من أن تنعت زوجها بالغبي إذا اكتشفت أنه مع الثورة, ومع مرور الوقت يتحول الزوج في نظرها إلى خصم فتكرهه بقدر كرهها لعلي محسن، وبالتالي يعيشان صراعاً من النوع الذي يطرد الحب ويؤسس لضغينة قد تدوم إلى أن يسقط آخر مؤيد للنظام . أنا في بيتي أعيش مع امرأة صارت تبكي على الوطن أكثر من بكائها على لص تسلل في غيابنا إلى المنزل ليسرق نصف ثروتنا، ناقشتني أكثر من مائة مرة عن أزمات سياسية ولم تناقشني إلا مرة واحدة عن طبيب تفنن في إعادة تأهيل أسناني، لقد التحقت بركب زوجات مهووسات بمتابعة جديد ثورات الربيع العربي ولم يعد يعنيهن منذ عشرة أشهر ربيع قلوب أزواجهن، صار الوطن أكبر همهن!. الثورات العاطفية انتهت بمجرد أن شاهدنا فريقين من الرجال والنساء يتبارون على من يكذب أكثر ويكره أكثر، فريق مع ثورة مازالت تغرس مزيداً من الجذور في أرض صلبة, وفريق يجتث العشب بحجة أن الأرض لم تعد صالحة لسواه. الحياة الزوجية بات لها مخارج ومداخل على غير ما كنا نعيش، هذا لأن الأجواء تظل مشحونة طوال الوقت ومن دون أي خبر طازج تشهد علاقة الزوجين فتوراً واضحاً، خبر القتل الطازج مثلاً صار أهم بكثير من خبر أن وجبة الحب مازالت طازجة.. واللهم لا تحرمنا سكينة العيش وأعد إلى بيوتنا ما فقدناه من المشاعر.