كان قيام ثورة سبتمبر إزالة لفساد الحكم الإمامي البليد الذي لم يفهم حركة الزمن, كما كان قيام ثورة أكتوبر إزالة لحكم المستعمر الذي جاء من وراء المحيط ليصادر إرادة شعب حر مستقل عربي مسلم. إن إزالة الفساد في أي مكان وزمان مطلب شرعي ووطني ولكن وفق رؤية عقلية ومنهج رشيد ودون شخصنة أو حقد شخصي أو تدمير وتخريب. نشأ من بلادنا جهاز لرقابة والمحاسبة, واتضح أن بعض المفسدين أصحاب السمعة السيئة قد تسنّموا رئاسة الجهاز وإدارة القيادة فباعوا الملفات وضللوا مسئولي الدولة، وبدل أن يقدم المفسدون إلى القضاء كوفئوا واعتلوا مناصب قيادية، وأصبح الجهاز كسيحاً مشلولاً, مع تقديرنا للمخلصين فيه. لابد أن نفتح ملفات الفساد في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ويقدم المفسدون إلى قضاء (عادل ومحايد) وإعلان ذلك للشعب دون مزايدات أو مغالطات أو مكايدات أو قضاء رغبات شخصية مريضة. اليمن لم يعد يقوى على دمار آخر, وأصبح اليمنيون يمدون أيديهم لمساعدات وهبات وتكاد الحياة تتوقف.. وهذا أمر مرفوض أن يصبح الشعب اليمني شحاذاً يتكفف الآخرين. نحن مع إزالة الفساد من أي نوع؛ بل إن وجهة نظري الخاصة هي عدم الاكتفاء برحيل أي فاسد من وزارة أو إدارة وإنما بمحاسبته واسترداد ما نهب من مال وردّه إلى خزينة الأمة، ولكني ضد التصنيف الذي يقوم وينطلق من دوافع شخصية. ليس معقولاً على الإطلاق أن يكون كل المسئولين في اليمن فاسدين, ونحن نعلم أن هناك مسئولين على قدر من النزاهة والاستقامة والمهنية، وقد كان لهم مع الفساد جولات وصولات, فهل يعقل أن يطاح بهم؟! ربما يريد الفاسدون ذلك؛ ولكن ليس لمصلحة الأمة إزاحتهم. إن المفسدين يعرفون بسيماهم، وفي كل الأحوال لابد أن يكون القضاء العادل هو الميزان.. وأطالب في المقام الأول بتقديم بعض القضاة الفاسدين إلى القضاء، وسجل (التفتيش القضائي) ضمن مستندات تقدم لإدانة هذا البعض الفاسد, بل أطلب إلى المظلومين - وأنا أحدهم - تقديم دعاوى قضائية ضد هؤلاء الأشقياء. إن المطلوب هو عدم التمييز الطائفي أو الحزبي أو التعميم العشوائي، فالمطلوب هو إحقاق الحق وإقامة العدل وفق شرع الله ودينه القويم.