بعد صدور القرار الجمهوري بإنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد سمعنا الرئيس السابق علي صالح في مقابلة تلفزيونية حيث وجه إليه سؤال بأن ظاهرة الفساد تفاقمت بعد صدور القرار فكانت الإجابة: الذين يتحدثون عن الفساد، الفساد في رؤوسهم. في عهد النظام السابق غياب الإدارة السياسية من الحاكم ومن النخب السياسية الحاكمة في محاربة الفساد، أدى إلى تفاقم الفساد، بل إن الفساد وصل إلى الهيئة العليا لمكافحة الفساد، كل فرد من القيادات العليا كان راتبه يصل إلى نصف مليون ريال، بجانب راتبه الأصلي، وكذلك نفقات السفر والندوات والمؤتمرات وورش العمل دون تحقيق أي نتيجة ملموسة على الواقع، ولم يتم القبض أو محاكمة أي فاسد من العيار الثقيل. بعد ثورة الشباب، ثورة ضد الظلم والاستبداد، وضد الفساد والفاسدين اتضح أين يكمن الفساد، اتفاقية بيع الغاز للشركة الكورية بأسعار منخفضة جدا، وكذلك اتفاقية تأجير موانئ عدن، وراء هذه الاتفاقيات سماسرة الفساد، واتضح أيضا وجود أكثر من مائتين ألف جندي وهميين، أي أن مئات المليارات سنويا تذهب إلى جيوب الفاسدين من القيادات العسكرية. أيضا انتشر الفساد في كل مؤسسات الدولة بما فيها أهم المؤسسات التعليمية والتربوية منها جامعة صنعاء، كذلك تقارير كثير من منظمات دولية تؤكد تفاقم الفساد بشكل لا يتقبله العقل في وجود هذه الهيئة العليا لمكافحة الفساد. في اليمن نحن بحاجة فقط إلى إرادة سياسية من قبل الحاكم والنخب السياسية في محاربة الفساد، ففي اليمن توجد الأجهزة الرقابة منها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ويعتبر أكبر مبنى حكومي في صنعاء، تنذهل وتشعر بالدهشة لهذا المبنى العظيم والذي يوجد في داخله جيوش من الموظفين، وأيضا في كل محافظة يوجد فرع لهذا الجهاز، ويوجد أيضا الهيئة العليا للمواصفات والمقاييس. المطلوب من الرئيس هادي ومن النخب السياسية الحاكمة تفعيل دور الأجهزة الرقابية وتعيين قيادات شابة في هذه الأجهزة الرقابية، قيادات تتصف بالشجاعة والقوة، وتتصف بالصدق والإخلاص، قيادات تكره الفساد والفاسدين، وتنتمي لهذا الوطن أكثر من انتمائها لأحزابها، قيادات تحب هذا الوطن العظيم مثل ما تحب نفسها. لذلك في اليمن لسنا بحاجة إلى هيئة وطنية عليا لمكافحة الفساد لأن الهيئة الأولى أثبتت فشلها لأن الاختيار لم يكن وفقا للمعايير والشروط، كذلك ما نسمعه اليوم بأن مجلس الشورى هو من يقوم باختيار ثلاثين شخصية، وسيتم عرض القائمة على مجلس النواب لاختيار 11 شخصا. الكل يعلم بأن معظم أعضاء مجلس الشورى تم تعيينهم من قبل الحاكم السابق، ومعظم أعضاء مجلس الشورى تقلدوا مناصب هامة في الدولة، وهم جزء من الفساد، بل إن بعضهم قد مارس الفساد في نهب المليارات والدليل على ذلك ما يمتلكون من ثروات هائلة، في بنوك اليمن وبنوك العالم، ويمتلكون القصور والفلل التي لا يوجد لها مثيل في العالم كله، ولديهم المصانع والشركات والعقارات.. هؤلاء أعضاء مجلس الشورى لو اغتربوا عشرات السنين في دول الخليج أو أوروبا أو أمريكا وعملوا ليل نهار لما حصلوا على هذه الثروات الهائلة، واليوم يختارون أعضاء للهيئة العليا لمكافحة الفساد، كيف سيتم؟ فاسدون يختارون شخصيات مارست الفساد ويوجد عليهم إثباتات، أي أن في مجلس الشورى فساد × فساد = فساد. ويعتبر هذا كارثة على أبناء هذا الوطن وعلى الشباب الذين قاموا بالثورة من أجل إزاحة الظلم والاستبداد والقضاء على الفساد والفاسدين.ش