الأسبوع الماضي عادت طريق ذمار – الحسينية إلى الواجهة وعادت معها أكبر علامتي استفهام وتعجب، في تاريخ المشاريع والتساؤلات وتحت قبة البرلمان. عمرها يناهز ربع قرن من الفشل، وقد توافرت لهذه الطريق العاثرة كل الشروط المؤدية إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية ومحكمة الجنايات الدولية. وكنت أتمنى أن يصادق مجلس النواب على اتفاقية القرض الإضافي لمشروع طريق ذمار – الحسينية، بعد أن تكون لجنة تقصّي الحقائق المشكلة من قبل المجلس، والتي لم يفصح عن أسمائها، قد توصلت فعلاً إلى نتائج حول أسباب تعثر المشروع والمتسببين من شركات ونافذين في أسوأ فشل تاريخي لمشروع رسمي.. ومع ثقتنا الكبيرة بنزاهة حكومة الوفاق ورغبتها الصادقة في إنجاز هذا الشريان الاستراتيجي في أقرب وقت، إلا أن السؤال المطروح حالياً يتعلق بزمن المصادقة على القرض الإضافي ومجيئه مبكراً على حكومة الوفاق التي كانت بحاجة إلى وقت كافٍ للاطلاع على تاريخ وملفات المشروع الذي كان يتعثر أشهر – كل ثلاثة كيلومترات ويتوقف تماماً كل ثلاث سنوات إلى أجل غير مسمى. ومن أراد أن يسمع ويرى شاهد عدل على سوء الإدارة ولوبي الفساد وقبح الماضي ففي طريق ذمار- الحسينية ما يغني عن الخبر والسفر، وكفى بها شاهداً على جمال ونجاح أية حكومة, إذا ما أنجزت في عهدها. القائمة السوداء بأسماء قطاع هذه الطريق المتعثرة منذ 1987م ستكون بالتالي أطول قائمة في تاريخ الفساد والفشل، وهي تمتد 115كيلومتراً، وربع قرن من الزمن.. وما نخشاه أن يكون التعجيل بالمصادقة على القرض الإضافي هو عملية استباقية، الهدف منها رسو المناقصة الجديدة على ذات الشركات التابعة لشخصيات كبيرة في الدولة، قبل أن تجد نفسها داخل القائمة السوداء إن لم تكن على رأس القائمة.. وعلى النابهين النزهاء في حكومة الوفاق واللجان المعنية أن يكونوا خير رفيق لطريق ذمار- الحسينية التي تعثرت أكثر من مرة، وفي كل مرة تسلم جرة المتفيدين وقطاع الطرق من المساءلة.. إنها أسهل وأقصر طريق للثراء اللامشروع وتحت كل حجرة عثرة كنز من الذهب المسروق.. وتحت كل حجر أساس جريمة مازال فاعلها مجهولاً وفي يده حفنة أسمنت وملعقة.