العراق دولة عربية كبيرة مساحة وسكاناً وثروة، وتتمتع بموقع جغرافي مهم، حيث تقع في الشمال الشرقي للوطن العربي، ولها حدود طويلة مع إيران وتركيا وسوريا والأردن والسعودية والكويت، وإمكاناتها توفّر لها الظروف اللازمة لبناء اقتصاد متكامل بين جميع القطاعات، كما تتوافر فيها الكفاءات والمؤهلون والخبرات والعلماء بما يكفي لبناء دولة متقدمة قوية تعود إلى الساحة الإقليمية والقومية والدولية، وتلعب دوراً إيجابياً في إعادة صياغة الوجود العربي القادر على التعاطي مع الآخرين بندّية ومساواة. لذا وكي تحقق العراق هذا الموقع على المستوى الوطني والقومي والإنساني فإنها بحاجة إلى الأمن والسلام والاستقرار، وهذا بيد أبناء العراق أنفسهم، والسياسيون في الطليعة جنباً إلى جنب مع الزعامات الدينية، وهي مسألة بحاجة إلى ارتقاء السياسة والزعامات الدينية إلى مستوى الولاء للعراق، وجعل هذا الولاء فوق كل الولاءات والارتقاء بحكم العراق ونظام الحكم فيه إلى مستوى يحقق العدل والمساواة بين العراقيين دون تمييز أو تفريق حتى يكون الانتماء والولاء للعراق وليس للانتماءات والولاءات الضيقة والعصبية. إن الانسحاب الأمريكي من العراق ليس النهاية؛ فالانسحاب خلّف وراءه ما يشغل العراقيين عن عراقهم، خلّف بؤراً فتنوية مذهبية وطائفية ومناطقية، وخلّف آليات محلية تعمل للتآمر والدس وإشعال الفتن وإشعال الحروب والمواجهات بين أبناء العراق حتى يضمن عدم الاستقرار والأمن والسلام في العراق. فالأمريكي المنسحب لا يريد عراقاً قوياً في وطنه مؤثراً، متوحداً مع جيرانه، متوحداً مع أشقائه، متضامناً مع القوى الخيّرة والحرة والإنسانية في العالم؛ إنما يريد عراقاً ضعيفاً من السهل إعادة الهيمنة والسيطرة عليه لضمان أمن الصهاينة. إن العراقيين أمام مسئولية كبيرة وتاريخية في إعادة الاستقرار والأمن والسلام وبناء عراق وطني قومي إنساني يؤدي دوراً إيجابياً في المنطقة العربية والإنسانية لخدمة القضايا العربية والإنسانية العادلة، ولخدمة الأمن والسلام الدوليين.