البلاد النامية عموماً ابتليت بالغزو الثقافي الضيق، وابتليت بالثقافات العنصرية، والعرقية، والمناطقية، والقبلية، والسلالية، والأسرية والطائفية، والمذهبية التي حلت محل الثقافات الوطنية القومية الإنسانية، وذلك تحت وطأة الهجمة الشرسة، والمكثفة، والحثيثة للنظام الإمبريالي الصهيوني العالمي الذي انفرد واستقوى على العالم بعد سقوط التوازن الدولي، بانهيار الاتحاد السوفيتي، والمعسكر الاشتراكي في بداية تسعينيات القرن الماضي. الوطن العربي، والعالم الإسلامي جزء لا يتجزأ من العالم النامي ولم يكن بعيداً أو سالماً من الهجمة الشرسة للثقافات الضيقة التي تنخر في جسد العالم العربي والإسلامي بويلاتها ومخاطرها.. حيث صار النظام العربي الإسلامي يعاني الأمرّين جراء الولاءات والانتماءات العصبية التي خلقتها الثقافة العنصرية الضيقة التي قدِمت مع النظام الطاغوتي العالمي العنصري الصهيوني الجديد مستغلةً كل وسائل وأدوات الغزو التي أنتجتها التكنولوجيا الحديثة، ومجندةً الكثير من العناصر، والآليات المحلية في كل بلد لإشاعة ثقافة الكراهية والعنصية الضيقة... سواء من القيادات السياسية أو الاجتماعية أو الدينية “طائفة، ومذهبية”. هذا الداء العضال والخبيث صار يفتّ في عضد النظام العربي والإسلامي ويصيبه بالوهن والضعف، ويعوق نموه ونهضته، ويستنزف موارده وثرواته وجهده ووقته.. ولا غرابة أن النظام العربي والإسلامي قد أسهم في إيجاد البيئة الاجتماعية والدينية لاستيعاب هذه المشاريع الامبريالية الصهيونية من خلال عدم التعامل بالمواطنة المتساوية، وعدالة التنمية.. وهذا يعني أن النظام العربي والإسلامي يفترض أن يعيد إصلاح نفسه، وفقاً لدساتيره التي تؤكد المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات داخل أوطانهم.. ثم أيضاً انتهاج سياسات ثقافية فكرية وطنية قومية إنسانية ترتقي بولاء وانتماء المواطن إلى مستوى الوطن، والعروبة والإنسانية وترجمة ذلك من خلال ممارسة وسلوكيات الأنظمة العربية الإسلامية لذلك في الواقع بالمواقف العملية والتنفيذية والتعاطي مع المواطن وفقاً للمعايير القانونية والعلمية والكفاءة والخبرة والنزاهة والشرف بدلاً من التعامل معه وفقاً لمعيار قوته العصبية. بهذه الطريقة يستطيع النظام العربي الإسلامي، والبلاد النامية عموماً مواجهة الثقافات والولاءات والانتماءات الضيقة، والارتقاء بشعوبهم إلى مستوى الثقافة الوطنية والولاء والانتماء الوطني، وإلى مستوى الثقافة والولاء والانتماء الإنساني.