مع دخولنا إلى العام 2012م ينطلق الخيال ليتصور عالما أفضل في ظلال الربيع العربي وتشيخ أنظمة الاستبداد. وسبحان من يخرج الحي من الميت. لم يكن التكهن بالمستقبل عملاً مريحاً، أو واعداً، بل حافلاً بالمفاجآت المزلزلة؟! ف (نوستراداموس) صاحب التكهنات المعروفة توقع لهنري الثامن حياة طويلة وملكاً سعيداً. وفي تراثنا ظهرت أقوال تؤكد مسير التاريخ على شكل انحطاطي؛ فلا يأتي جيل إلا والذي بعده شر منه، والزمن لن يختم على الألف الثانية الهجرية؛ فتؤلف ولا تؤلفان؟! أما المؤرخ البريطاني (ه . ج . ويلز) فقد تنبأ بتطوير السلاح النووي واستخدامه. وفي الثمانينيات من القرن الفارط كتب الصحفي المصري (جلال كشك) وهو غير الواعظ الشعبي المشهور سلسلة من المقالات المثيرة في مجلة الحوادث عن: (التفسير النفطي للتاريخ), وأن العالم اقترب من مجاعة نفطية وشيكة سوف تزلزل مفاصله. وتوقع العالم البريطاني (مالتوس) بحدوث مجاعة عالمية، وحروب ضروس أمام تناقض (التكاثر السكاني والغذائي) فالبشر يزدادون بسلسلة هندسية ( 2 4 8 16 32 64 128 وهكذا)، والغذاء وفق سلسلة عددية حسابية ( 2 4 6 8 10 12 ). فماذا كان مصير التنبؤات؟ أما الملك هنري الثامن فلم يعمر طويلاً ولم يعش سعيداً، كما توقع له الطبيب اليهودي الباريسي (نوستراداموس). والتاريخ يمشي بخطى تقدمية، فلا يأتي يوم إلا والجنس البشري يحقق اختراقاً جديداً مذهلاً في خط تقدمي صاعد، في مستوى التكنولوجيا والأفكار والسلام والغذاء والمؤسسات وتدشين الديمقراطية وانهيار الديكتاتوريات، وبناء قرية بشرية ذات نسيج إلكتروني بديع، ويتحول العالم إلى نبض (ديجتال)! كما لم تحدث مجاعة نفطية وأزمة عالمية كما توقع الصحفي الكشك؛ بل فائضاً ورخصاً في الأسعار، وليس هناك ما يشير في الأفق إلى أزمة نفطية وشيكة. والوقت الذي توقعه (مالتوس) لتناقص الغذاء وبدء المجاعات؛ سجلت فائضاً في الإنتاج الغذائي، بسبب بسيط هو أن الإنسان يولد إلى هذا العالم ومعه فم واحدة؛ ولكن عقلاً ويدين، وأعجب ما حدث هو حرق بعض المحاصيل الغذائية للمحافظة على الأسعار العالمية، كما أشار إلى ذلك المفكر الجزائري مالك بن نبي. الوحيد الذي فاز بالرهان من كل التنبؤات التي مرت كان البريطاني (ويلز)، فهو الوحيد الذي رأى الكارثة قبل سنة من وفاته عام 1946م فشاهد التماع (البيكادون) النووي فوق هيروشيما (البيكادون = تعني هزيم الرعد الملتمع باليابانية). مع ذلك فقد أصاب ويلز في نصف الحقيقة؛ فلم يمضي العالم إلى الفناء النووي، بل يمضي الآن إلى نزع الترسانة النووية، والتخلص وإتلاف الأسلحة الكيماوية والبيولوجية إلى حد ما. بل وحتى حظر الألغام الأرضية ضد البشر، كما جاء في اقتراح اجتماع الدول الأوربية في 10 أكتوبر 1997 م في ستراسبورغ، وكان مشروع العمر للأميرة ديانا البريطانية قبل أن يتم اغتيالها بحادث مشبوه.