ندرك جميعاً أن الثورات العربية إنما قامت في الأساس ضد الاستبداد وطمعاً في الوصول إلى الحرية التي بدونها لا يجد الإنسان للحياة أي معنى ، وندرك أنه في سبيل الحرية بذلت الشعوب الغالي والرخيص ، واستلذت الموت في سبيل أن تهب للأجيال القادمة حياة ملؤها الحرية والعيش الكريم !. وما يحز في النفس هو أن تجد – لدى البعض – مفهوماً أعوج للحرية ، وصورة مشوهة وممسوخة عن معنى الحرية ، حيث يتصورون أن الحرية لا تراعي أي ممنوعات ، ولا يمكن لها أن تقف أمام أي شيء يواجهها ، لذا فقد أطلق كثيرون شعار (حرية سقفها السماء) ، ورغم وجود بعض الأشياء التي يجب أن تتوقف أمامها الحرية احتراماً وإجلالاً إلا أن معاناتنا من (عقدة النقص) التي حلت علينا بسبب افتقادنا للحرية جعلتنا نسير في ركب هذا الشعار، ونهتف به ، ونعترف به أصلاً من أصول الحياة التي نبتغيها !. ولكن ، في لحظة مشؤومة من لحظات (الجنون العاصف والمؤدي إلى التهلكة) فاجأتنا (بشرى المقطري) بمقالها الأخير (سنة أولى ثورة) ، والذي لم نعرف ماذا هدفت بشرى من ورائه ، ولا ماذا أرادت أن تقول فيه ، فكل ما رأيناه وأحسسنا به هو حب (شهرة) وعشق (أضواء) حلمت به بشرى ، فأرادت بشرى أن تصعد إلى الواجهة ، فصعدت ولكن من الباب الخطأ ، ورغم كثرة الأبواب التي توصل الإنسان إلى الأعالي وإلى المراتب العليا إلا أن بشرى اختارت الباب الذي ولج منه الكاتب المتطاول على الذات الإلهية (سلمان رشدي) وأمثاله، ورغم قذارة رشدي في روايته ، إلا أنه اختار عنواناً يناسب كلامه وهو (آيات شيطانية) وهو عنوان يلخص حكاية الحقد الذي يكتنف قلب ذاك (الشيطان) من الإسلام ، لكن بشرى جاءت لتتطاول على الذات الإلهية بكل صفاقة ، ولكن للأسف باسم الثورة حيث عنونت موضوعها ب(سنة أولى ثورة)، فقد كان الأجدر بها وهي تتكلم بمثل تلك الحروف أن تعنون موضوعها ب(سنة أولى تخريف) ، (سنة أولى دجل) ، (سنة أولى إلحاد) ، (سنة أولى في مدرسة الشيطان) ، أو غيرها من الأسماء التي تناسب حجم (الإفك) الذي نطقت به المقطرية بشرى !. تقول بشرى في موضوعها (كانت الأمور كلها طيبة “بلدة طيبة ورب غفور” لكن الأمور لم تعد طيبة، والرب الشكور لم يعد حاضراً في ليل خدار) ، وأقول لها بكل إشفاق وسخرية : يا بشرى ومن أنت حتى تقولين هذا الكلام ، ألا تعلمين عن من تتحدثي، هل تعلمين أن مسيلمة الكذاب وسجاح والأسود العنسي وكل من ادعوا النبوة لم تبلغ بهم الوقاحة أن ينكروا الإله ووجوده وصفاته ، فهل تأتين أنت لتتلمعي بالإفك و(عُهر الألفاظ والنوايا) الذي لم يأتِ به الأوائل ؟! وتقول بشرى أيضاً (كان ليلاً طويلاً، ليلاً حزيناً ودامياً، كنت ارتجف حتى أقصاي من البرد والوحشة، وعيون لا ترحم تطل من بعيد، العسكر والقبائل والبيئة المعادية، والله الذي لا يرانا) ، وأقول لها هنا: إذا كنتِ في يومٍ من الأيام قد فتحتِ كتاب الله فبالتأكيد كنتِ ستقرئين آيات معرفته وإحاطته تعالى بكل صغيرة وكبيرة في الأرض بما فيها حروفك (البلهاء) التي سطرتها أناملك المتطاولة ، كنتِ ستقرئين على سبيل المثال : (والله من ورائهم محيط) ، (ألا إنه بكل شيء محيط) ، (لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) ، (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)، (يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور) ، (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء) ، (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) ، كنتِ ستقرئين قوله تعالى في سورة (العلق) (ألم يعلم بأن الله يرى) ، فانتهي يا بشرى من هذا الهراء والافتراء قبل أن يسفعك الله بالناصية الكاذبة الخاطئة التي تطاولت على الذات الإلهية وعلى صفاته عزوجل !. لقد أردناها حرية ، وقلنا حرية سقفها السماء، أما أنتِ يا بشرى فقد تجاوزتِ السماء ، واخترقتِ ما هو ممنوع ، وحاولتِ أن تغيري من (الثوابت) التي لا يمكن لبشر أن يتحدث عنها ، وهذه والله ليست حرية ، بل هي قمة العبودية ، حيث العبودية للشيطان ، والانبطاح أمام أهوائه ، وتقبيل قدميه طمعاً في شهرة وأضواء وربما تضامن من منظمات أجنبية قد تحتفي بالمقطرية بشرى كما احتفت بسلمان رشدي وأمثاله ! ولكي لا أظلم بشرى حقها ، فقد ظننتُ في البداية أنها كانت تقصد أشياءً أخرى في كلامها ، ولكني صُعقتُ عند رؤية ردها على أحد المواقع الالكترونية الذي قام بحذف مقالها حيث قالت : (الحقيقة تفاجأت بحذفه من مأرب برس رغم أن من حق الكاتب أن يعبر عن سخطه على كل شيء بما فيه الله)!! وإلى هنا لا أستطيع أن أكمل كلامي ، ولا يوجد لدي أي تعليق ، لكني من خلال هذه السطور أحببتُ أن أذكرها ببعض آياته تعالى ، وقد تعمدتُ أن أكتب هذا الموضوع وأدعمه بالآيات القرآنية ، كي تأتي هذه الذكرى مني وأنا أحد الشباب الذين نرتكب الكثير من الأخطاء في اليوم والليلة ، ولكن يظل لنا عقل يفكر ودين نستهدي بأنواره ، ولا يأتي من العلماء والمشائخ حتى لا يفتح (المُرجفون) عليهم النار كما هي عادتهم ، فيا بشرى..عودي إلى الرشد ، واعلمي أننا قد نختلف سياسياً وثقافياً واجتماعياً وفي كل المجالات ، لكن أن نختلف حول الذات الإلهية فهذا ما سيودي بكِ إلى التهلكة..وإني عليكِ من المشفقين !. [email protected]