في حفل افتتاح جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز, بالرياض, قبل عامين, كان القادة العرب يتقاطرون إلى الرياض, كحجّاج, منذ اليوم السابق للافتتاح, وفي الاحتفال بالذكرى الأولى ل (ثورة الياسمين) التونسية, والإطاحة بأول ديكتاتور عربي بدا العرب غير معنيين بالأمر, وكأن مايجري حدث في دولة تقع على شمال الاطلنطي: حضور عربي باهت في الذكرى الأولى لثورة تونس التاريخية, ولاوجود لبرقيات تهانٍ كما هو متعارف عليه. هنا يظهر العرب على حقيقتهم: اللؤم هو القاسم المشترك. عدم حضور قادة الدولة العربية والاسلامية, باستثناء أمير قطر ورئيس الجزائر, حفل الذكرى الأولى لثورة الياسمين, أو حتى إرسال برقيات تهانٍ من نوع التي كانوا يرسلونها في عيد ميلاد أحد أبناء ليلى الطرابلسي, لاتفسير له سوى أن الرعب مازال يملأ قلوبهم مما صدرته تونس من ربيع عربي. خطفت تونس الأضواء, باعتبارها مهد الثورات العربية, ثورتها أبهرت العالم, وكانت السباقة في دك عروش الطغاة, ولايهم أبداً مشاركة الدولة العربية لانتصارها الساحق على ديكتاتورية. تونس, هي سفيرة الدول العربية, رغماً عن أنف الممالك الثرية, وهي العنوان الأبرز للوطن العربي الجديد. عندما تحتفل تونس ب(الذكرى الأولى) لثورتها الخالدة, فهذا لايعني أن البلد الأفريقي حديث الاكتشاف على سطح تلك الكرة الأرضية, تونس كانت حاضرة على الخارطة, لكن الشعب التونسي الحر هو الذي سجل حضوراً أسطورياً وأدهش العالم. تونس تعيد بناء الاوطان من جديد .. الشعوب الآن تحتفل بأعيادها الحقيقية, الاعياد التي نشاهد فيها الفتيات يلبسن أعلام بلدهن, هي التي تدخل البهجة إلى قلوب الناس, لا أعياد العروض العسكرية الزائفة, والاستعراض الأرعن. الذكرى الاولى لثورة تونس, لا تخص التونسيين بمفردهم بل هي عيد لكل أحرار الوطن العربي, علينا أن نفرح لتونس, لأنها صاحبة الفضل في دك الأنظمة الديكتاتورية في مصر وليبيا, واليمن وسوريا والبقية ستأتي. بفضلها تهاوى الأصنام, من لم يسقط, تمرغ أنفه في ساحات وميادين الثورة.. علميهم الحرية ياتونس, فهناك أناس مازالوا يحبون حياة العبودية. سلامٌ عليك ياتونس.. علي سيدي بوزيد, وعبدالفتاح العويني, صاحب الفيديو الخالد (بن علي هرب, الشعب التونسي مايموتش). سلام على روح (البوعزيز) قنبلة الربيع العربي. سلام عليك يا أحمد الحفناوي.. نبي الحرية ذو الشعر الأبيض. (لقد هرمنا يا أحمد الحفناوي), لكننا سنحتفل قريباً, وسنتذكرك ك(مُلهم) لكل الأجيال التي ترفض حياة الذل, وتطلب حياة بلا هرم.