لا يمكن الحديث عن ثورات الربيع العربي دون الحديث عن الثورة التونسية كقاعدة انطلاق لهذه الثورات، ولا يمكن الحديث عن الثورة التونسية دون الحديث عن مشعل هذه الثورة محمد بوعزيزي الذي أسقط بروحه الطاهرة جدران الخوف وهز عروش الجبابرة في كل أرجاء وطننا العربي الكبير، وجاء المواطن التونسي أحمد الحفناوي بعد ساعات من هروب زين العابدين بن علي (14 يناير 2011م) ليلخص المشهد بجملة جامعة مانعة "هرمنا.. هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية". وما يمكن التأكيد عليه هو أنه بعد مضي سنتين كاملتين على مقولة الحفناوي، قد بدأ الناس ينسون حكاية هروب زين العابدين بن علي لكنهم لم ولن ينسوا ما قاله أحمد الحفناوي، لأن حديثه اختزل ذلك الهروب في مضمونه، وكان تعبيراً صادقاً عما يعانيه كل مواطن عربي مع اختلاف الأسلوب والكيفية. ورغم أن مصطلح "هرمنا" أصبح شائعاً في كل البلدان العربية فإن استخدام هذا المصطلح في اليمن يكاد يكون الأكثر شيوعاً والأكثر تداولاً لأن اللحظة التاريخية التي انتظرها الناس هنا لم تتبلور معالمها كما هو الحال بالنسبة للمواطن التونسي أحمد الحفناوي الذي شعر حينها أن الانفراجة أصبحت حقيقة واقعة أمامه دون لبس. وقد تكون مشكلتنا في اليمن أن "الهرم" يتراكم في حياة المواطن دون الخروج إلى محطات واضحة حتى ولو كانت مؤقتة، وتراكم الهرم في حياة اليمنيين بأخذ الأبعاد الزمانية والمكانية والموضوعية معاً (منذ بدايات التعلم وحتى نهايات العمل) ولذلك من الطبيعي أن يجد أحدنا نفسه يردد وباستمرار: - هرمنا ونحن بانتظار تطور مجتمعي يزيل عن كاهل الناس ركام التخلف الذي أثقل حياتهم قروناً من الزمن. - هرمنا ونحن بانتظار بناء دولة النظام والقانون. - هرمنا ونحن نناضل من أجل سقوط منظومة الفساد. - هرمنا ونحن نرى من يلتهم تضحيات ثورة الشعب لتحقيق المجد الشخصي. - هرمنا ونحن نرى المتملقين والمتسلقين والمصلحيين وجماعات الثقة هم أصحاب الأولوية في كل شيء قبل الثورة وبعدها. - هرمنا ونحن نرى النظام القديم يعيد بناء نفسه بشخوصه ورموزه وأدواته. - هرمنا ونحن ننتظر التغيير ممن لا يريد التغيير أصلاً.