لم تعد مشكلة المياه تلك المشكلة العادية أو الآنية كما قد يتصور البعض؛ بل إنها مشكلة قديمة حديثة وفي آن معاً، لأنه لم تتم معالجة هذه القضية منذ بداية ظهورها، بل ظلت ترحّل من فترة إلى أخرى ودون النظر إليها أو إيلائها الاهتمام المطلوب من قبل الجهات المعنية، ولذلك سارت الأمور على هذا النحو وما سيترتب عليه في نهاية المطاف من بروز إشكالات عديدة في هذا الشأن. لأن هناك من كان ينظر إلى هذه المسألة على أنها بسيطة وبالإمكان التغلب عليها في غضون فترة ما، ولم يضع في الحسبان النمو السكاني المتزايد سنوياً في مدينة تعز؛ ناهيك عن التوسع العمراني الكبير، والذي أخذ هو الآخر وبالتمدد بشكل لافت باتجاه الحوبان والضباب وحذران والربيعي، الأمر الذي كان يستوجب من الجهات المختصة سواء على المستوى المركزي أم المحلي أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات ويتم استيعابها ضمن خطط عملية جادة وفعالة في كل عام، على أن تشمل كل محافظة يمنية تعاني نفس المشكلة. إن مسألة كهذه لم تقرأ بشكل صحيح وحتى توضع لها المعالجات الآنية والمستقبلية؛ كل ذلك بسبب غياب الرؤى والأفكار والخطط التي يفترض أن يعتمد عليها في وضع السياسات المائية بشكل عام في مختلف محافظات الجمهورية ومنها محافظة تعز. للأسف السياسات التي كانت تعتمد دائماً في معالجة مشكلة المياه لم تكن صحيحة وغير مجدية في حلها وليست سوى فرقعات كلامية في الهواء دون أن يكون لها صدى على أرض الواقع، وهذا ما يتبين لنا من خلال تفاقم أزمة المياه في مدينة تعز وما وصلت إليه من وضع غير مرضٍ نتيجة لما تعانيه من نقص حاد وهو أمر لا يخفى على أحد ويعلمه القاصي والداني. فهاهي مدينة تعز تشكو اليوم حالها النكد والتعيس جراء ما تعانيه من نقص حاد في المياه رغم أن مواطنيها كان يحدوهم الأمل بأن تحل هذه المشكلة قبل ثلاث سنوات مع ظهور وعود تحلية المياه؛ إلا أن وعوداً كهذه تبخرت ولم نعد نسمع عن تحلية مياه البحر من المخا إلى تعز رغم علمنا بأنه كانت هناك مؤشرات وبوادر باتجاه إيجاد شراكة ما بين الحكومة والقطاع الخاص؛ ولكن لا ندري لماذا توقف هذا المشروع. ولذلك نحن الآن في ظل حكومة الوفاق الوطني الجديدة نأمل وبسرعة تحريك هذا المشروع والعمل على الدفع به إلى الأمام دون تسويف أو مماطلة كما حدث في الحكومات السابقة؛ لأن تنفيذ هذا المشروع سيحل كثيراً من الإشكالات التي يعانيها أبناء مدينة تعز، كما أنه سيُحسب إنجازاً كبيراً لحكومة الوفاق وسيجعلها تحظى بمكانة كبيرة لدى المجتمع. أما إذا تراخت وغضّت الطرف عن تنفيذ هذا المشروع فستكون الكارثة أكبر؛ لأنه لا يعقل أن تظل مدينة بكامل ساكنيها تحت رحمة مسئولين لا يخافون الله ولا رسوله، يتلذذون بتعذيب المواطنين البسطاء الذين لا يستطيعون شراء وايتات الماء بعد أن أصبحت أسعارها تفوق قدراتهم وإمكانياتهم المادية، حيث يصل سعر الوايت الماء ما بين 5000 ريال إلى 6000 ريال، وهو أمر لا يرضاه أحد ولا يقبله عقل أو منطق. إننا في انتظار حلول قادمة من حكومة الوفاق لمشكلة المياه بتعز.. ونتمنى ألا يطول انتظارنا.