أتفقد الرعية! كل يوم أخرج لتفقد الرعية – كما يحلو لي تسميتها- فتارة أتفقد السماء وتارة أتفقد الشوارع وغالباً أتفقد نبض الارض! وفي كل مرة أخرج تعترضني قصة ما، فهنا بائسة حاولت أن ترمي بنفسها امام المركبات بعد أن تلطخت كرامتها قهراً وبؤساً وشقاء وهنا التقي الباحثين عن لقمة أو شيء ذي ثمن بين أكوام القمامة –أكرم الله القارئ- وهنا باحث عن مصدر عيش لأولاده في مهانة يمد يده وملامح اصالته تظهر على جبينه المجرد من ملامح الانسان المكرم بعد أن جار عليه الزمن، وآآآه تعساً لهذه الحياة وتعساً لنا نحن حين تأخذنا العزة بالجهل في انكار وجحود عن حقيقتنا الوجودية! ونقضي أعمارنا في الهدم والنزاع واثبات الرأي والتبعية المضلة. الحرية ليست فتوة! وفي الآونة الاخيرة اخرج مع السائق لشراء شيء لاوجود له أو البحث عن أمر لا أدري ماهو ولكنني أخرج وكل يوم اسأل السائق ما الأمر؟ وهو يعود بالسيارة الى الخلف ويرد في حزن ، مسلحون قطعوا الطريق، شباب وضعوا هنا صخوراً، عسكر ، رصاص ، الى نهاية القصة الحزينة. واليوم كذلك مررنا من الشارع المؤدي الى المستشفى الجمهوري لنجد احد الشباب المتهورين وقد أحرق موتر سايكل وتركه يلتهب في الأرض! أمام مشهد ومسمع الجميع وهو يشتم بألفاظ مشينة تعدى فيها على جميع انواع الاخلاق إن كان يعرف شيئاً عنها! يقول تبارك وتعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا» (الأحزاب 59) وأنواع الأذى كثيرة فقطع الطرق وتأخر الناس للوصول إلى أعمالهم وإلحاق الضرر بهم ما هو إلا صورة من صور إيذاء المؤمنين. وقال صلى الله عليه وسلم محذراً من إيذاء المسلمين: -لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره، التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه- أخرجه مسلم. أنت تؤذي قضيتك! وأخيرًا نقول للبعض: قبل أن تقطع الطريق بالأحجار وترمي القاذورات وتحرق الإطارات وتؤذي عباد الله تذكر أنها ليست أخلاق من يسعى للحرية والتمدن وليست أخلاق من يدعي حماية الوطن وليست أخلاق العسكر ولا الطفل ولا المرأة وليست أخلاق المواطن بشكل عام. كل بصفته مسئول عن الحفاظ على الوطن. فلنعد حساباتنا فالأمر بات مخيفاً في ظل هذا الاستهتار. فالحرية تتوقف عند حرية الآخرين وحقوقهم!