غيّب القدر شخصية نسائية معروفة في العمل الاجتماعي, هي الفقيدة فاطمة العاقل رئيسة جمعية الأمان لرعاية الكفيفات, صاحبة باعٍ طويل في التفاعل مع قضايا المعاقين عامة والكفيفين والكفيفات خاصة، وقد فُجع كما فجعت بوفاتها كل الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة ومحباتها، تلك البراعم التي احتضنتهم وأوصلتهم إلى مرفأ الحياة الكريمة والأسر التي آزرتها ووفرت لها فرص العمل والتعليم والرعاية لبناتها، كما خسرت الحركة النسوية ومنظمات المجتمع المدني وجمعيتها في المقدمة بغيابها أختاً رحيمة وأماً رؤومة. قامت الفقيدة بدور ريادي بعد إنشاء جمعيتها وانطلاقتها في الحرص على حق التعليم للأطفال الكفيفين بإنشاء روضة فمدرسة وسكن داخلي وعيادة، وطموح يترعرع بإنشاء مركز طبي متقدم لعلاج العيون.. كانت لي لقاءات متكررة مع الفقيدة أحرص على الحضور ملبية دعوتها واتصالها بي بحكم علاقة العمل وخاصة عند زيارة شخصيات خارجية فبحكمتها تضع اعتباراً وجانباً بروتوكولياً يعطي الزائر بعداً وطنياً لا يدركه إلا من هم في فهمها، ارتبطت بعلاقة ودية معها فرضت عليّ التزاماً أدبياً وتقديراً لتلك الجهود التي تقوم بها وخاصة عندما أسند لجمعيتها مند أكثر من 5 سنوات تحمل إدارة مركز المكفوفين الكائن في العاصمة صنعاء نجحت في هذه المهمة الرائدة لها ولنا في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. في رمضان قبل الفائت شهدت ساحة الجمعية مسابقة لعدد من جمعيات المعاقين حرصت على حضورها ولوقت متأخر ولكل أيام المسابقة عندما حضرت في الاختتام وكبرت مكانتها وقدرها عندي وكل محبيها امتلكت ثقافة مجتمعية ودفاعاً عن قضايا المعاقين لاشك خسروا أحد المدافعات القويات عن قضاياهن في الوطن وعموم المعاقين في العالم وقد كرمتها العديد من الجهات ومنها المكتب التنفيذي لوزراء الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون كان حسها وحدسها كبيرين في التحسس لاحتياجاتهم فأنشأت مؤسسة «خد بيد» لتخليصهم من براثن الإعاقة والفقر. الفقيدة من بيت تجاري معروف حرصت على شحذ هممه للعمل الخيري بدءاً بمنح الجمعية أرضاً منه لبناء المقر، كما حرصت على إشراك بيوت وجهات أخرى للبناء ولتبني أنشطة الجمعية بل عند زيارة المقر يندهش الزائر ويسعد من الوضع الكريم واللائق للكفيفات. امتلكت الفقيدة صفات قيادية وإدارية وحضوراً عملياً وفاعلاً وتواضعاً تحرص من خلالها على تنفيذ الأعمال ما لم يعطه البعض الأولوية حتى تحقق حلمها بتوفير آلة طباعة كبيرة وذات تقنيات عالية لطباعة القرآن الكريم، وأشرفت هي على المراجعة له وكذلك الكتب. أعزي أسرتها والوطن وكل محبيها ومنهم أنا بهذا المصاب الجلل.. إنا لله وإنا إليه راجعون.