أيام قلائل تفصلنا عن يوم الاستحقاق الانتخابي في 21 فبراير القادم، حيث سيخرج الشعب اليمني للانتخابات الرئاسية للمرشح المشير عبد ربه منصور هادي في خطوة غير مسبوقة من نوعها ضمن ظروف استثنائية يمر بها البلد، وأي بلد إنه اليمن السعيد الذي مرّ بظروف عصيبة طيلة الشهور الماضية كادت تقلب (دال) السعيد إلى (راء)؟! لكن (التعقل) اليماني والحكمة اليمانية تجلّت في أنصع صورها من كل الأطراف السياسية - بلا استثناء - فاتجه الجميع إلى الحل السلمي الذي تمثل في التوقيع على وثيقة المبادرة الخليجية ذلك المخرج الأقل ضرراً من أية مخارج أخرى كانت تلوح على الأفق لأحداث طاحنة عصفت بالبلد طيلة الأشهر الماضية. اليوم يتجه الشعب إلى صناديق الاقتراع رغم ضجيج الأصوات النشاز التي تنعق بما لا تسمع إلا دعاء ونداء تحت مزاعم واهية بعدم شرعية هذه الانتخابات أو عدم جدواها لعدم وجود أكثر من مرشح أو غيرها من (المشاجب) التي يعلّق عليها المتخاذلون وهنهم عن نصرة بلدهم الذي ينادي بهم في أحلك الظروف التي يمر بها. في كل انتخابات سابقة كنا نستدعي اليمن لينتخب، أما اليوم فاليمن يطلب منا الانتخاب ليخرج من محنته ولينجح ثورته التي بدأها. أقول الوطنية ليست شعارات تُرفع أو مظاهرات تسير أو أناشيد وأغاني يتغنى بها (الوطنيون)، الوطنية وعي خلّاق يتجسد في سلوك ناضج يبني الأوطان في كل الظروف والأحوال. فما أكثر الشعارات التي رُفعت طيلة العقود الماضية من تيارات شتى على طول اليمن وعرضها من الحراك الجنوبي جنوباً إلى الحوثيين شمالاً مروراً بأحزابنا السياسية حاكمة ومعارضة وطوائفنا الدينية بكل أنواعها، لكن في لحظة العطاء تساقطت كل الأقنعة عن كل الوجوه فتبين مَنْ بكى مِمنْ تباكى. اليوم الكل مدعو ليشارك بصوته من أجل اليمن وليس من أجل شخص ولو كان هذا الشخص هو المشير عبد ربه منصور نفسه مع كل الاعتزاز والتقدير لتاريخه النضالي- لكننا نريد بهذه الانتخابات أن نؤسس لشيئين: الأول هو الخروج من طوق الشخصنة والانتصار للأشخاص على حساب أي شيء، ذلك المرض الذي بُلينا به نحن العرب فأوصلنا إلى ما وصلنا إليه؟! والشيء الآخر أن يتعلم الناس إرادة التغيير وعدم الرتابة عن شيء واحد طيلة الوقت، فالتغيير سنة كونية تجري على كل شيء بما في ذلك كرسي الرئاسة نفسه! إن هذه الانتخابات ليست نكاية بالرئيس علي عبدالله صالح كما يروج البعض لأن هذه الشائعة محض افتراء وأعذار ليحجم الناس عن الذهاب للاقتراع، فالرئيس علي عبدالله صالح نفسه هو الراعي والداعي الأول للانتخابات الرئاسية المبكرة ولترشيح المشير عبد ربه منصور هادي خصوصاً، فإلى هؤلاء المشككين هل أنتم ملكيون أكثر من الملك؟! إلى الشباب في الساحات أقول لهم ليست الانتخابات هي إسدال الستار على ثورتكم كما يتوهم البعض وكذلك ليست اغتيالاً لها، بل هي أولى الاستحقاقات لنجاح تلكم الثورة التي في نظري لم تبدأ بعد، فالثورة ليست إسقاط أنظمة بقدر ما هي ثورة عطاء وبناء للأوطان، فشمّروا عن سواعدكم وكونوا على الصفوف الأولى أمام صناديق الاقتراع كما كنتم على الصفوف الأولى في المظاهرات؟! إلى الذين يقاطعون هذه الانتخابات من الحراك الجنوبي أو الحوثيين أو منْ سواهم أقول باسم الديمقراطية التي ارتضيناها لأنفسنا هذا حقكم الذي كفله الدستور، والوطن يتسع للجميع بكل الأفكار والآراء لكن تذكروا أن هذا الوطن الذي يسعنا جميعا أنتم ونحن يناديكم باسم الشعارات التي كنتم ترفعونها طيلة السنين الماضية إلى أن تقفوا في صفه في هذه الظروف بالذات، فهل تفصح مقاطعتكم للانتخابات عن حقيقة تلك الشعارات؟ فشكراً لها من انتخابات؟ إلى أحزاب الوفاق من المؤتمر والمشترك أقول: أنتم حصان الرهان الذي نراهن به على نجاح الانتخابات وعبور البلد لمحنته فلكم وللشباب المرابط في الساحات كل الشكر والتقدير على كل ما قدمتموه. وفقكم الله يا رجال لبناء البلد..