المواطن العربي ذلك الثائر الذي طحنته رحى البؤس والحرمان انطلق لايلوي على شيء بعزيمة فولاذية ينشد التغيير في وطن مكبل بقيود الطغاة الذين كرسوا عنجهية المستعمر بأطماع استبدادية ,فالحقوق نهبها زبانية السلطان والحريات تهاوت تحت أقدام الأنظمة البوليسية ,والثروات اهدرت وقدمت بطبق من ذهب للأطماع الأجنبية واستحالت الحياة الى جحيم واصبح الإنسان منفياً وهو في وطنه ولم تقم الأنظمة للعدل أساسا ولا للمبادئ والدين أركانه . وفوق تلك المعاناة ازدادت مأساة الشعوب وتكدرت حياتهم من تلك السياسات السمجة للحكام وموقفها من القضية الفلسطينية، فالأرض المغتصبة كان القواد فيها هم أقزام القصور وأحكام الإعدام الجماعي للقرى الفلسطينية كان قرار التنفيذ مختوما في القصور الرئاسية للمخذولين من حكامنا. والمسرحيات الهزلية التي كان يؤديها الحكام في المحافل الدولية في قضايا التعنت الاسرائيلي لم ترتق الى طموح الشعب العربي الذين كانت تكتظ بهم ساحات العواصم منددين بالمجازر الوحشية ,وتأرشفت تلك المواقف المخزية في خلايا العقل الباطن حتى جاء طوفان الربيع العربي والمتأمل انها رفعت لافتة التصحيح الجذري لكل مايمت للأنظمة المستبدة بصلة وهذا مارأيناه من ذلك المشهد الثوري الجامح والذي تمثل في اقتحام السفارة الاسرائيلية ضاربا بكل حسابات الساسة عرض الحائط. ففي ظل اتساع المد الثوري وتهاوي حماة اسرائيل من المرتزقة رأينا احجام الصلف الصهيوني وهذا مارأيناه من الحضور اللافت لأقطاب الإخوان في مصر ومشاركتهم في مهرجانات حماس في غزة ومارأيناه أخيرا لزيارة هنية لبعض العواصم العربية هو دليل قوي على اثر الثورات في الضغط على العنجهية الاسرائيلية ولولا الفضاء الواسع الذي اتاحته قوى الممانعةالثورية لما رأينا التصالح للفصائل الفلسطينية. واتساءل وهي امنية كل ثائر: هل هذه الثورات ستشق طريقها الى تحرير الاقصى؟واننا من خلال المعطيات السابقة نستطيع القول: ان العربي الذي اخترق حاجز الصمت قادر على حمل معول الارادة ليحطم قلاع الصهيونية وفي نظري ان فتيل الثورات الذي طارت شرارته الى الفضاء العربي فإننا سنسمع دوي انفجاره في تل أبيب ان لم يكن بأيدينا فبأيدي أجيالنا القادمة. ولك ان تفسر سبب انزعاج الساسة اليهود من تهاوي مبارك الحليف الاستراتيجي لهم وايضاً قلقهم من التصالح الفلسطيني وهذه نتيجة حتمية للنفس الثوري وايجابياته وما كان مستحيلا بالأمس صار حقيقة الآن المهم ان تعرف الشعوب ربها ويستقيم عودها وتنتصرعلى أهوائها طبعا هذا كله بعد ان تصلح الامم ماافسد الحاكم في البلاد العربية وهذا يحتاج الىنفس طويل.