أعشق اليسار على نحو لا يوصف، لكن أكثر ما يستفزني في هذا العالم هو اليسار العبيط: مهمتهم أن يلوكوا الهذار اليومي الخالد عبر التنظير الاستعلائي فقط، فيما يستعلون بفجاجة عن الواقع الصعب وتشوهاته وأزماته العميقة، كما يتواصون بالحقد المبطن على البسطاء ولا يتأففون ولو قليلاً من قلة عقولهم كنخبة – حسب ما يفترض - وشعاراتهم المنفوخة كبالون في واقع شاق يرزح بالثبات ويجابه بضراوة متخلفة كل أحلام ونضالات التحول فيه. طبعاً في ظل الثورات أكثر ما يغيضني يساريو الغفلة هؤلاء، يسار العالم الثالث الأكثر تخلفاً والأكثر نرجسية في تلك المفارقة... لكن المفارقة الأكبر أن شهوة هذا النوع من اليسار المعطل لدينا صارت تلتقي في العطل أيضاً مع شهوة اليمين الفارغة من أي محتوى فاعل له أن يدفع بحالة الشعب ووعيهم نحو التقدم الحقيقي.