كان يوم الثلاثاء 21 فبراير المنصرم يوماً استثنائياً في تاريخ اليمن وحياة الشعب اليمني، حيث عبّر اليمنيون عن إرادتهم الحرة في تحقيق التغيير المنشود من خلال صناديق الاقتراع، مؤكدين بذلك أن هذا هو الطريق الصحيح والسلوك الحضاري للوصول إلى السلطة، وأي طريق أو أسلوب آخر هو مغامرة طائشة غير محسوبة العواقب الوخيمة على الوطن والشعب. وبالمثل كان يوم الاثنين الماضي 27 فبراير المنصرم يوماً استثائياً في تاريخ اليمن وحياة اليمنيين، حيث تم لأول مرة تنصيب الرئيس المنتخب بوجود الرئيس السابق، ففي لحظات مهيبة غير مسبوقة في تاريخ اليمن بل والمنطقة العربية ومعظم دول العالم قام الرئيس السابق الأخ علي عبدالله صالح باستقبال رسمي للرئيس الجديد الأخ عبدربه منصور هادي في دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء، حيث عزف السلام الجمهوري واصطحب الرئيس السابق خلفه الرئيس الجديد إلى مكتب رئيس الجمهورية ومن ثم إلى قاعة الاحتفال، حيث وقف الاثنان إلى جانب بعضهما في المنصة أمام الحضور الإقليمي والدولي ممثلاً بالأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي وممثل الأممالمتحدة جمال بن عمر وسفراء الدول الخمس الدائمة االعضوية في مجلس الأمن الدولي وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي «باستثناء قطر» وسفير الاتحاد الأوروبي وسفراء الدول الشقيقة والصديقة المعتمدين لدى بلادنا، وكذا الحضور الرسمي ممثلاً بكبار مسؤولي الدولة باستثناء رئيس حكومة الوفاق الوطني الأخ محمد سالم باسندوه ونصف وزراء الحكومة «ممثلي أحزاب اللقاء المشترك وشركائه» وأيضاً الحضور الحزبي والجماهيري باستثناء قيادات أحزاب اللقاء المشترك وشركائه والمنظمات الجماهيرية التابعة لهم.. وقف الرئيسان السلف والخلف وكل واحد منهما ألقى كلمة تاريخية بالمناسبة، تلى ذلك قيام الرئيس السلف بتسليم علم الجمهورية اليمنية للرئيس الخلف ومن ثم غادر الرئيس السلف دار الرئاسة بعد أن أجريت له مراسيم الوداع الرسمية، حيث عزف السلام الجمهوري وقام الرئيس الخلف بوداعه بكل تقدير واحترام. ما من شك أن ما حدث يوم 27 فبراير الماضي بدار الرئاسة من حفل استقبال للرئيس الجديد الأخ عبدربه منصور هادي وتوديع الرئيس السابق الأخ علي عبدالله صالح يعد بكل المقاييس حدثاً تارخياً لم تشهده المنطقة العربية من قبل عكس صورة حضارية مشرقة في عملية التبادل السلمي للسلطة، وهو تقليد حضاري يجب ترسيخه واعتماده كبروتوكول رسمي لتبادل السلطة بين الرئيس السلف والخلف كما قال رئيس الجمهورية الأخ عبدربه منصور هادي في ختام كلمته التي ألقاها في ذلك الحفل المهيب «أنا اليوم أقف بهذا الشكل الذي يعتمل وأتمنى أنه بعد عامين أقف في مكان علي عبدالله صالح ويقف الرئيس الجديد مكاني وكل طرف يودع الثاني وهذه سنة الحياة في التغيير». 21 و27 فبراير 2012م يومان تاريخيان سيدون التاريخ أحداثهما في أنصع صفحاته مثلما سيدون أن الرئيس علي عبدالله صالح هو أول رئيس يمني وعربي منتخب من الشعب عبر صناديق الاقتراع في انتخابات تنافسية تنازل عن فترته الدستورية مغلباً مصلحة وطنه وشعبه على مصلحته الشخصية والحزبية، وجسّد مبدأ التداول السلمي بتسليمه السلطة رسمياً للرئيس الخلف المنتخب من الشعب عبر صناديق الاقتراع في انتخابات رئاسية مبكرة.. فمثل هذه الأحداث والوقائع لا يمكن أن يغفلها التاريخ أو أن يتم طمسها من صفحاته عبر الزمن. وختاماً.. أتمنى أن يتم كتابة نص الكلمتين اللتين ألقاهما الرئيس السلف الأخ علي عبدالله صالح والرئيس الخلف الأخ عبدربه منصور هادي يوم حفل الاستقبال والتوديع بخط بارز في لوحة تذكارية مع صورتيهما أثناء إلقائهما الكلمتين ويتم وضهعا في واجهة قاعة دار الرئاسة.