يرحل هذا الباسندوة.. هو سبب تخلف اليمن, وأحد الأسباب الرئيسية للعاصفة الترابية التي عطلت الدراسة في المدارس والجامعات, وطرحت آلاف الناس فوق أسرّة المرض. لا.. لا يكفي الرحيل.. يجب أن يمتنع عن الكلام والتصريحات إذا أراد أن يبقى رئيساً للحكومة, وعلى علماء اليمن تحمل مسؤولياتهم, وإصدار فتوى عاجلة تُلزم رئيس حكومة الوفاق بالصوم عن الكلام لمدة ستين يوماً؛ جراء ما اقترفت لسانه من “افتراءات” بحق الزعيم صالح, ويُفضّل أن تشمل الفتوى إجازة له إدارة اجتماعات الحكومة خلال فترة الصيام بلغة الإشارة. خلال الأيام الفائتة, وجد إعلام النظام السابق في باسندوة ضالته؛ شن عليه من الكلمات المسمومة ما يكفي لإرداء عشرة أفيال قتلى في لحظات، كافة الشتائم والتهديدات التي حفظوها منذ زمن, ولم يجرؤوا على استخدامها ضد أولاد الأحمر والجنرال علي محسن وأمير قطر, جاء دورها الآن.. هناك هدف أعزل وجديد, لا يحفظ شعار “مواجهة الوقاحة بالوقاحة”. لا أدافع عن باسندوة؛ فالرجل لم يقترف جرماً في تصريحاته في ذكرى مجزرة جمعة الكرامة, بل قال الحقيقة في وقت هام؛ صوّب سهماً كان من المفترض أن يتم تصويبه إلى كبد القتلة منذ عام, ثم إن ما قاله ليس خافياً على الناس, فالجميع يعرف جيداً من هو السفاح, ولا يحتاج لإثبات. عندما تُدق طبول الحرب ضد شخصية بحجم محمد سالم باسندوة, من قبل أنصار الرئيس السابق, فذلك أمر لا يبعث على الخوف, بل إنه يتقدم بنجاح رغم العراقيل. عندما يهجم أنصار صالح وأجهزة إعلامه على رجل, يصفه عضو اللجنة العامة للمؤتمر محمد ناجي الشائف قبل أسابيع أنه “في مقام والده”, فذلك يجعلنا نشعر بالشفقة أكثر على أشخاص وأقلام مازالوا - حتى اللحظة - يرتضون لأنفسهم أداء دور القناصة الذين كان يستخدمهم “صالح” لقتل المتظاهرين السلميين, وينفذون الآن حملة بلهاء يعتقدون منها أنهم سيقضون على مستقبل باسندوة, غير مدركين أن حقدهم يجعله يرتفع في أعين الناس, حتى وإن كانت حكومته لم تلبِّ بعد الخدمات الأساسية لهم. لو كانت حملتهم تلك مبنية على أسباب منطقية: انعدام الأمن في اليمن, واختفاء المشتقات النفطية, وانقطاع الكهرباء, لضمنوا مشاركة كثير من الناس معهم, حتى أولئك الذين يدركون كميات الأفخاخ والألغام المزروعة في طريق الحكومة, لكن المواطن البسيط يريدها أن تهزم كل المتآمرين، وتوفر الخدمات التي حرم منها أيام النظام السابق. لكن لا وجود لكل ذلك.. الحكومة فاشلة؛ لأنها رفضت اعتمادات المشائخ واللصوص.. رئيس الحكومة فاشل وضعيف ومُستخدَم من قبل أطراف؛ لأنه قال حقيقة واضحة كالشمس ولم يحل لنا لغز: النظام السابق قاتل. محمد باسندوة يستحق الرحيل؛ لأنه “شطط ورقة عبده الجندي”, كما كان يبكي في مؤتمرة الصحفي. ما هذا السخف؟.. حتى مكتب الزعيم لا يدافع عن اتهام باسندوة له, بل يبكي على الاعتمادات التي كان يستلمها هو من حكومات الخليج, عندما قال في بيان له: “منجزات باسندوة الوحيدة جولة مكوكية في عواصم الخليج يبحث فيها عن اعتمادات شخصية له”. زعيمهم يبكي الرواتب التي كان يتقاضاها, نظير فتح البلد أمامهم كمطعم. الحملات الجارحة ليست غريبة على باسندوة؛ فقد قالوا فيه ما لم يُقال في الخمر.. الأغرب فقط أن الغباء المستمر لديهم عندما يقولون: هذا رئيس حكومة كل اليمنيين, وكأن علي عبدالله صالح عندما كان يهاجم اليمنيين ويتهمهم بالإرهاب وأنهم قنابل موقوتة ويقذف النساء في الساحات كان يتحدث بصفته “مقاول”, أو صاحب معرض سيارات, وليس رئيساً لليمن ككل. إذا كانت تصريحات رجل مثل محمد سالم باسندوة هي من ستشرخ الوفاق الوطني, فماذا نقول عن تصريحات تصدر من رجل أصبح من الماضي, ويتدخل في كل ما لا يعنيه؟. أحاديث باسندوة مضرة بالوفاق, وتصريحات صالح مفيدة للصحة!! ما هذه السخافة؟. من الذي يجب أن يصمت ويكفينا شره؟!. على باسندوة أن يدرك أن حملات مسعورة كتلك هي شهادة تميز, تستوجب منه العمل المضاعف من أجل إسعاد المواطن البسيط الذي له الحق فقط في الحكم على أداء الحكومة, عندما يجد الأمان, والخدمات التي كان النظام السابق يبتز الناس بها على الدوام, وساعتها لن تسحب الثقة من حكومته, ولن تسحب لسانه من حلقه. [email protected]