إذا كانت الوحدة قد مرّت حتى الآن بمرحلة الوحدة بالضرورة وصولاً إلى مرحلة الوحدة بالقرار، فإن علينا الآن أن نجتاز بها من مرحلة القرار إلى مرحلة الاستقرار والواقع المرشَّح للاستمرار وغير القابل للانتكاس مرة أخرى..!. وفي ضوء ذلك علينا قراءة الواقع ومعطياته الجديدة قراءة متأنية حصيفة وموضوعية بعيدة عن العواطف، لنبني عليها مشروع الرؤية السياسية المناسبة والناجعة لحل القضية الجنوبية!. فإن سلمنا بالجلوس للحوار الندّي بين الشمال والجنوب، يعني أننا وضعنا اللبنة الأولى في مدماك الحل السياسي والقانوني الذي يكفل شراكة حقيقية على أرضية متينة من الثقة والاطمئنان والاستقرار لشعبنا في الجنوب والشمال..! وأن نعترف بفشل وحدة 22 مايو 90م, وبالممارسات التصفوية والإقصائية والتهميشية لشعب الجنوب, الشريك الأصيل في الوحدة، وما لحق به من ظلم وتدمير ونهب لمكتسباته, وإبادة منظمة لرموزه وأضرار جسيمة وفادحة مادية ومعنوية على كل المستويات والأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وكذا الإنسانية والأخلاقية. فإن هذا الاعتراف يقودنا إلى وضع القدم على الطريق الصحيح التي تخرج شعبنا شمالاً وجنوباً إلى بر الأمان، وإلى فضاء الشراكة المأمونة والآمنة التي لا ضرر فيها ولا ضرار..! ولكي ننجح ونخرج من النفق، نتمنى قبل كل شيء من تلك الأصوات المتقوقعة والأفكار الدغمائية تجاه القضية الجنوبية أن تتوارى بعيداً، فشعار: “سنضحي بالثورة السلمية من أجل الحفاظ على الوحدة” هو امتداد مسخ لشعار: “الوحدة أو الموت” الذي ظلت تعتاش عليه “عصابة” من اللصوص والفاسدين، أساءوا للوطن وأهانوا المواطن!. والوحدة بأي شكل سياسي أو صيغة كانت لا يمكن أن تكون وتقوم وتستمر إلا بالتراضي، وبغير ذلك فإنها تعني الاحتلال بكل صلفه وقسوته وبطشه..! كما إن الممارسة التي تجسد شعار: “الوحدة أو الموت” ستقود حتماً إلى شعار مضاد لا يقل عنفاً وهو: “الموت ولا الوحدة”..! “إن استمرار الوحدة مرهون برضا الجنوبيين عنها” د. عبدالله الفقيه – صحيفة الوسط العدد (150) 30 مايو 2007م.