تمر بلادنا في أحلك ظرف يترافق مع إصرار قوى الظلام والفساد على إعادة تدوير سيئات الماضي ومقارعة المستقبل بلغة المافيا السوداء، فما يجري في غير محافظة من محافظات البلاد يشير بالبنان إلى هذا المنطق الرديء الذي أهلك الزرع والضرع منذ عقود من السيئات والبؤس. يتصدّى هؤلاء لمشاعر اليمانيين وحلمهم الألفي الفاضل، بل ورغبتهم المتواضعة في إعادة تدوير الحياة وفق المنطق السويّ الذي فطر الله عليه عباده المحتسبين الصابرين المُصابرين، فما أكثر صبر اليمانيين، وما أقل حظهم في الحياة الحرة الكريمة، بعد أن تمكّن العُتاة المجرمون من مصادرة أحلامهم وأمانيهم، بل ومصادرة الوحدة والتعددية والمؤسسة المدنية والعسكرية حتى أصبح لدينا بنك مقابل البنك المركزي، وجيش يوازي جيش الدولة، ومؤسسة اقتصادية توازي وزارة التجارة، فيما تحولت المواطنة الطبيعية إلى مواطنة مراتبية سلالية لاعلاقة لها بالماضي والمستقبل. اليوم ونحن أمام هذا المشهد القيامي لشعب استكثر عليه مصادرو حريته أن يكون منعتقاً من الإقامة المديدة في مستنقع التخلف والفقر والجهل .. في مثل هذه الحالة لن يجد فرقاء التوافق الوطني الحميد من طريق آخر سوى السير قدماً على درب التغيير الجاد مهما كانت النتائج، ورغماً عن خفافيش الظلام السابحين في مياه الأوهام.. ممن يواصلون العقاب الجماعي للمواطنين، من خلال نشر الخوف ، وتقطيع أوصال البلاد، واستئجار المأفونين المكشوفين، مع إلباسهم أردية سياسية مطلبية لا صلة لها بالحقيقة، فقد تبيّن جلياً للقاصي والداني أن سياسة خلط الأوراق، وتدجيج العاصمة بالمعسكرات، مقابل نشر الحرائق في المحافظات البعيدة .. كشفت الاستراتيجية الساعية لتدمير الوفاق الوطني النابعة من مرئيات المبادرة الخليجية، وفي نوع من التحدّي الواضح للشرعية التوافقية الدستورية برئاسة القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس الدولة عبد ربه منصور هادي، وحكومة الاستاذ محمد سالم باسندوة، والشاهد الأجد ذلك الرفض والعصيان المُعلن لقرارات الرئيس التي استجابت لها القيادات العاقلة السويّة، وتمرّد عليها العتاة المُقيمون في مرابع اسهاماتهم القاتلة. أدرك المجتمع الدولي والإقليمي حقيقة الموقف، فجاءت ردود الأفعال الداعمة للرئيس والشرعية، من خلال المواقف الناصعة للإتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وروسيا، والصين، ودول الإقليم الخليجي العربي، فماذا ينتظر الواهمون؟، وإلى متى سنقبل التمرُّغ في غياهب الظلام المفروض علينا خارج المنطق والعقل؟. [email protected]