ما تزال خفافيش الفساد تعشش في عدد من الدوائر والمصالح والوزارات والجامعات الحكومية ، وكأن لها جذور تخترق الأرض وتتسلق جدران تلك المنشآت .. وما تزال تتحرك بكل حرية تمارس مهامها التخريبية وهواياتها المفضلة بإصرار في ظل مناخ يسوده التسيب والانفلات .. فما يحدث في غفلة المعنيين بأحدى الجامعات الوطنية كما هو الحال في بعض تلك الدوائر والمصالح أن هناك من أصبحت الممارسات غير السوية والعبث بالشؤون الإدارية والمالية بالنسبة لهم نظام حياة ، وسلوكاً يومياً لا يستطيعون الاستغناء عنه بأي حال .. وعند كشف أية حالة من حالات العبث أو التزوير في الأوراق الرسمية أو رصد بعض المخالفات القانونية أو غيرها من سيىء الأعمال .. تنبري تلك الخفافيش لا في الظلام فقط بل وفي وضح النهار أيضاً ، لتقف مدافعة عن أعوانها من العابثين بكل ما أوتيت من قوة ، وبشتى الطرق وبمختلف أساليب الاحتيال .. وتلك لعمري هي الكارثة ، حيث تؤدي تلك النماذج من البشر الخفافيش أدوارها المشبوهة بتمكن وبدرجة عالية من الإجادة في جميع الأحوال .. استناداً إلى ما تمتلكه من داعمين مخلصين ، وما اكتسبته من خبرة في شؤون الفساد والإفساد خلال سنوات طوال .. فهلا أدرك الوطنيون من أبناء اليمن الشرفاء ، الشركاء في السلطة ، المخلصون لهذه الأرض الطيبة وللشعب المغلوب على أمره ، هلا أدركوا حقائق الأمور ..؟ وهلا بادروا بالبحث عن مواطن الخلل ، وعن بؤر الفساد لتحديد مكامنها في كل مصلحة أو هيئة أو جامعة أو وزارة ، والبدء على الفور بوضع المعالجات المناسبة لإصلاح الخلل ، وقطع دابر الفساد الذي أصبحت له نتوءات وجذور .. أليس ذلك أصلح وأنفع من المماحكات والتحيز والتعصب للمصالح السياسية والحزبية ..؟ أليست المصلحة الوطنية العليا أسمى من كافة المصالح الحزبية أو الذاتية ..؟ ثم ألا يعلم السياسيون ما يعيشه أبناء اليمن من معاناة مريرة ..؟ وذلك جراء انعدام الخدمات الأساسية كانقطاع الماء وانقطاعات التيار الكهربائي المستمرة .. سواء في العاصمة صنعاء أو في المحافظات الأخرى وبالأخص في المناطق الحارة .. إضافة إلى الغلاء الفاحش في أسعار السلع الأساسية الذي تكتوي مختلف الأوساط المجتمعية بناره .. وعلى وجه الخصوص الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يمثلون السواد الأعظم في وطننا الغالي اليمن. وكذلك ما يعانيه الجميع من خوف وشعور بعدم الأمن والأمان سواء داخل المدن أو على الطرقات الطويلة التي تنتشر عليها الحواجز و ( البراميل ) التي يضعها المسلحون لقطع الطرقات على المسافرين من محافظة إلى أخرى على أرض الوطن .. ليس ذلك فحسب بل هناك من يقدم على قطع الطريق وعلى السلب والنهب دون مراعاة لضمير ، أو التفريق بين حلال وحرام ، وقد يتجاوز ذلك إلى ما هو أخطر وتلك كارثة إنسانية .. وبرغم ذلك ما تزال آمالنا كبيرة في أن يبادر أبناء اليمن البررة ، الشركاء في حكومة الوفاق الوطني أياً كانت توجهاتهم السياسية باتخاذ خطوات عملية ملموسة لتصحيح المسار في مختلف الشؤون الحياتية .. تسهم بفعالية في تخفيف معاناة إخوانهم وأخواتهم وآبائهم في ربوع أرضنا الغالية .. متخذين انتماءهم للوطن اليمني أهم مبدأ ، وقبل أي انتماء ، فالوطن وطن الجميع بمختلف انتماءاتهم الحزبية والسياسية .. وينتظر كافة اليمنيين أن يروا المزيد من الانفراج في جميع الشؤون ، ليعيشوا في سلام وأمان دون أن يعكر صفو حياتهم وحياة أطفالهم الخوف والرعب والمنغصات المعيشية. أحلام متواضعة ومشروعة تلك التي يتمناها الإنسان اليمني ، وتتمثل في العيش بسلام وأمن واستقرار في وطنه ، فهل ذلك من حقه ، أم أنه كثير عليه أن يعيش كسائر خلق الله من البشر الذين يعيشون حياتهم الطبيعية ..؟! تساؤل موجه إلى حكومة الوفاق الوطني الرشيدة التي تتركز مهمتها في إخراج اليمن من هذه الحالة المزرية إلى بر الأمان بحكمة وعقلانية .. وسنظل في انتظار الإجابة التي تتفق مع منطق العقل والحكمة اليمانية والتي يفترض أن تترجم بصورة عملية .. لتستأنف إثر ذلك عملية الإصلاح والبناء والتنمية .. بحيث يبادر الجميع بإصلاح النفوس قبل إصلاح الأوضاع المتدهورة ، والمضي في مكافحة الفساد بكل حزم وجدية .. ليعم خير الوطن كافة أبناء اليمن ، بعيداً عن الأنانية والذاتية والمحسوبية .. وتلك هي القضية .