غيّب القضاء والقدر الشخصية الاجتماعية والقانونية القاضية والمحامية الفقيدة حميدة زكريا عن الحياة منذ أسبوعين ماضيين، وللفقيدة تاريخ حقوقي كبير.. فقد ساهمت بشكل كبير في الشرح والإعداد لقانون الأسرة، فهي أحد المساهمين في إعداده للدفاع عن حقوق الأسرة وليس المرأة وحدها، ولها لمسات الخير والرحمة، فهي ابنة إحدى البيوت التجارية المعروفة كما أنها أحد المدافعين عن الحقوق المدنية فهي حين خلعت لباس القضاء فإنها لبست إثره لباساً أو ما يسمى «روب المحاماة». كانت من أوائل الجامعيات، فقد تعلمت في مراحل التعليم العام في مصر وكانت أول خريجة بداية السبعينيات، حيث تخرجت أوائل السبعينيات من جامعة القاهرة ليسانس حقوق الذي تصادف مع نيل جنوب الوطن استقلاله ولبّت حاجته كأحد العناصر المؤهلة لتشارك في معترك الحياة المدنية والعامة مدافعة عن حقوق المرأة, كانت لربما المرأة الوحيدة أو الأولى التي شاركت مند وقت مبكر في لجان الوحدة. اهتمت الفقيدة بقضايا المرأة والمجتمع وقد شاركت في إعداد قانون الأسرة الذي حدد إطار الحياة الأسرية كونه انطلق من الأسرة كون الزواج هو وسيلة للحياة الأسرية ومن الضروري أن تعيش في إطار الاحترام المتبادل والحياة الكريمة، واضطلعت كثيراً بالتوعية والنصح، كما شاركت في العمل النسائي والجماهيري وأصبحت عضواً في المجلس المركزي لاتحاد نساء اليمن في التسعينيات, الفقيدة أم لثلاثة أبناء ولد وابنتان. الفقيدة من مواليد عدن مدينة كريتر, حافة حسين ويقصد بتسميته بحسين كون أحد أشهر مساجدها وفيه قبر أحد الأولياء الصالحين وهو حسين الأهدل وهي من بيت تجاري وأهم نشاطه والتي اشتهر بها هي «مقهاية زكو» التي تتوسط منطقة الميدان بمدينة كريتر ومنه يتفرع الشارع الطويل والشوارع التجارية الأخرى المتفرعة عنه. كما أعرف كانت لها الريادة والسبق في العمل القانوني فتزاملت مع المحاميات والقاضيات راقية حميدان, ليلى شهاب, أنيسة عباس, نظيرة شرجبي, سامية مهدي وغيرهن لا تسعفني الذاكرة وكن (حميدة ورفيقاتها) كوكبة مهدن باقتحامهن هدا المجال لجيل لاحق. شكلت الفقيدة وهجاً ونموذجاً استحق الاقتداء به وانطلقت العديد من الشابات من النهل حينها من المعارف الحقوقية عبر الجامعة لاختطاط الطريق بعد أن فتحت مساره أول قاضية وأول محامية. هي الأخت الكبرى للمخرجة التلفزيونية المعروفة أمينة زكريا التي تقول «سكنا في القاهرة في عمارة سكنية تضم يمنيين عاشوا ستينيات العمر بمحبة ومودة لا يعرفون أنفسهم إلا أنهم يمنيون سيان كانوا من عدن أو تعز، فقد قربت ظروف الغربة واقتسموا الحنين والشوق إلى الوطن فكانوا يتقاسمون نظام الأكل المشترك والتجمع في المناسبات وأيام الإجازات». ليرحم الله الفقيدة ويشملها بواسع رحمته ويلهم أسرتها وخاصة أختها العزيزة أمينة زكريا ومحبيها الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.