كان الحديث عن غياب المؤتمر الشعبي العام بعد غياب الرئيس علي عبدالله صالح متداولاً ليس في مجالس العامة وإنما في كثير من مجالس أهل المؤتمر الشعبي العام .. فالمؤتمر الشعبي العام ككثير من الأحزاب إنما يعيش ويحيا بنفس صاحبه ومؤسسه. باستبيان آراء قيادات حزبية منافسة كالاشتراكي والإصلاح والروافد الأخرى يذهب هؤلاء إلى أن حزب المؤتمر الشعبي ينبغي أن يظل (حاضراً) في المعادلة الديمقراطية لا باعتباره ذا انتماء أصولي ديمقراطي وحسب وإنما باعتباره شريكاً في إنجاز مسيرة ديمقراطية تحقق للوطن العطاء وتبعد عنه شبح الإقصاء. لقد أثبتت التجارب الديمقراطية المعاصرة في العالم ابتداءً من الليكود الإسرائيلي وجانكا الهندي و”المحافظين” البريطاني وغيرها من الأحزاب أن لا ديمقراطية ينتجها حزب واحد بمفرده فالضد يظهر حسنه الضد, وهذه طبيعة الحياة. إن بعض قيادات مؤتمرية تذهب إلى أنه قد آن الأوان للدفع بالمؤتمر الشعبي العام إلى الأمام باعتباره حزباً عقيدته وسطية ذات انتماء شعبي تبنتها وأنتجتها عقول حزبية ومستقلة .. لقد يكون بدهياً أن يذيع غير قليل من أبناء المؤتمر انطباعات حانقة من المؤتمر (لأن المؤتمر لم يفعل شيئاً لأبنائه) وهي أشياء تنحصر في صرف سيارة ومصروف ومرتب شهري ووظيفة وقطعة أرض ويحسن جداً أن شيد عليها بناء، وهؤلاء الانتهازيون لا يقتصرون على حزب المؤتمر وإنما موجودون في كل حزب وكل زمان ومكان، بينما ينادي غالبية المؤتمريين بضرورة هيكلة (بنيوية) حقيقية داخل المؤتمر, وكما شكل الميثاق الأساس النظري للمؤتمر الشعبي العام فإنه لابد من إعادة النظر في بعض سطور “الميثاق” باعتبار أن معطيات قد استجدت ليكون واقعاً في تاريخ اليمن المعاصر. المؤتمر الشعبي العام ينبغي في هذه المرحلة أن يبتعد عن خطاب يظهر بين آن وآخر أقرب ما يكون للإنشاء والانفعال المغامر .. إن في المؤتمر الشعبي العام أفكارا أو عناصر وطنية ذات رؤى استباقية قادرة على قيادة سفينة المؤتمر بجدارة في (الخضم) الديمقراطي، وأن كثيراً من هذه الرؤى قد حجبت بفعل موجات انتهازية أو “انفعالية “ ولقد آن الأوان لبعثها من جديد وسواء أبقي رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح أم جاء غيره ، فإن المؤتمر في نظر قيادات حزبية منافسة يظل قادراً على التفاعل في مسيرة الركب الديمقراطي في بلادنا.