بالمناسبة، ليس بالضرورة أن يكون الفاسد والناهب للمال العام مسئولاً، فهناك مشائخ وصحفيون وحقوقيون تمت تغذيتهم بالمال العام، هناك صحف ومنظمات مدنية أصبح ملاكها أصحاب سيارات وفلل وأرصدة، وتدور حولهم شبهة الارتزاق، أما المشائخ فقد مر عليهم عهد علي عبدالله صالح مثل ليلة القدر، وتفننوا في نهب الخزينة، والهنجمة على الدولة والناس، واستثمروا المال والنفوذ والسلطة المتراخية وأصبحوا ملاك شركات وعقارات. وأصبح سؤال المسئول: من أين لأمك هذا؟! تعدياً على الوطنية والقامات النضالية، ولا سؤال ولا تفكير أو جرأة بأن نوقف مسئولاً ونقول له: عفواً أخي، من يوم طلعت المنصب وأنت والعائلة تتقارحوا فلل وسيارات وسفريات... أيش الحكاية؟!. والآن أوجه السؤال الكبير لكل القراء، وأتمنى مشاركتهم في الإجابة: لماذا حتى الآن لم يقم صحفي أو ناشط مدني أو معارض، ولم تتحرك صحيفة أو منظمة مدنية للبحث عن كشوفات رواتب مصلحة شئون القبائل التي تبلغ ميزانيتها 13 مليار ريال سنوياً؟! لماذا لا تُنشر أسماء المشائخ مع أرقام مستحقاتهم، لنعرف من يحلب الخزينة العامة، ومن الشريف الحقيقي، هناك عشرات المشائخ من كل اليمن “رعوا مع الراعي، وأكلوا مع الذيب”؟!. وبحسب مصدر موثوق قال لي: إن سلطان البركاني بكل حماسته مع المؤتمر وعلي صالح، يتسلم من شئون القبائل راتباً شهرياً 300 ألف ريال فقط، فيما يتسلم كهلان مجاهد أبوشوارب 10 ملايين ريال، وهذا ما جعل النائب علي المعمري يتحدث عن مناطقية مصلحة القبائل، وقال إن شيخاً من تعز يتسلم 500 ألف ريال، وآخر من سنحان يتسلم خمسة ملايين ريال، وفضلاًَ عن ذلك وافق البرلمان على إضافة 500 مليون ريال لميزانية القبائل، لكي تصرف لمشائخ تم تحديدهم سلفاً؛ مكافأةً لجهودهم “الإنسانية” في قمع الثورة الشعبية. يجب أن تتحرك مسيرات عارمة إلى البرلمان ومجلس الوزراء، للمطالبة بإلغاء ميزانية القبائل، لأنها تصرف بدون أي وجه حق، وليس لها مبرر قانوني أو أخلاقي، وهي لا تذهب إلا لتقوية نفوذهم وسجونهم الخاصة. ومن العيب بعد مرور 50 سنة على قيام ثورة سبتمبر أن تصرف ميزانية بهذا الحجم للقبائل، فهذه كانت تصرف أثناء ثورة سبتمبر من أجل شراء سكوتهم وعدم دعمهم للملكيين، اليوم نعيش في عصر الجمهورية الثانية، وثورة ثانية دفع فيها الوطن خيرة رجاله من أجل التحرر من نظام الفساد والاستبداد. وقبل ذلك يجب أن يتحرك جميع المشائخ “الهاربين” إلى الثورة، ويعلنون رفضهم ابتزاز الدولة، ويرفعون شعار: نتنازل عن مخصصاتنا من أجل بناء مؤسساتنا. تخيلوا يخرج مشائخ كل اليمن، يهتفون يجب توقيف مخصصات مصلحة القبائل وتحويلها لإصلاح مناهج التعليم، ودعم البحث العلمي. وتخيلوا يخرج مشائخ اليمن وينقسمون إلى فريقين: مشائخ إبوتعز يطالبون أن تكون ميزانية القبائل لهذا العام لصالح بناء مستشفيات لعلاج مرضى السرطان والكبد، فيما مشائخ صنعاء وعمران يصرون على صرفها لصالح إنشاء مؤسسات البحث العلمي. ويتدخل مشائخ ذمار وشبوة بحل وسط: أن تذهب ال 13 مليار ريال لصالح إنشاء مدينة علمية، على أن تخصص ميزانية القبائل للعامين القادمين لإنشاء مراكز بحثية ومستشفيات تخصصية في الحديدة وأبين. تخيلوا لدينا مشائخ بهذا التفكير الراقي... تخيلوا مشائخنا يصلون إلى مرحلة يعتبرون فيها حمل السلاح عاراً، و«عيب أسود» أو حتى «بني فاتح». إذا حدث هذا أعدكم أن يخرج الشعب الإماراتي يطالب مشائخ آل نهيان وآل مكتوم أن يقتدوا بمشائخ اليمن!!. [email protected]