وافق يوم أمس الخميس الثالث من مايو اليوم العالمي لحرية الصحافة وقد أقرت الأممالمتحدة هذا اليوم ليكون يوما عالميا لحرية الصحافة، اعترافاً بنضالات الصحافيين على المستوى الدولي وما قدموه من تضحيات من أجل الحقوق الدولية لشعوبهم في الحرية والمساواة والعدالة والكرامة واحترام حقوق الإنسان. ويأتي هذا العام اليوم العالمي لحرية الصحافة والصحافيين اليمنيون والعرب، لا زالوا يعانون من إرهاب وتهديدات مخاطر وذيول الأنظمة الفاسدة، إلا أنهم يشهدون حالة انفراج بعد تهاوي عدد من الأنظمة الفاسدة في المنطقة العربية ، إذ مثلت نضالاتهم المقدمة الأولى لهذه الثورات العملاقة التي تشهدها منطقتنا. وكانت قصة نضالات الصحافيين اليمنيين قد بدأت في اليمن قبل أن تنشأ جمعية الصحافيين اليمنيين في شمال الوطن ومنظمة الصحافيين الديمقراطيين في جنوب الوطن قبل الوحدة بسنوات إن لم نقل في الأربعينيات من القرن الماضي وخاصة في مستعمرة عدن حيث مثلت الصحافة دينمو التغيير والتحرير, وكان الأستاذ عبد الله عبد الرزاق باذيب وآخرون الرواد الأوائل على درب حرية الصحافة وكلنا يتذكر عنوان مقاله الذي اعتقل بسببه وحوكم وهو” المسيح الذي يتكلم الانجليزية”. وفي الشمال قبل الوحدة تعرض الصحافيون للاعتقالات والسجون والضرب، بل وصل الحال إلى استشهاد صحافيين تحت التعذيب وكان أبرزهم الشهيد الصحافي محمد علي قاسم الذي كان يعمل مديراً لتحرير صحيفة التعاون التي تصدر عن الاتحاد العام لجمعيات التعاون الأهلي للتطوير. وقد لفقت له تهمة آنذاك بأنه عميل للجنوب في وقت كان يسعى مع كوكبة من الصحافيين الآخرين في الشمال والجنوب إلى توحيد نقابة الصحافيين في الشمال ومنظمة الصحافيين الديمقراطيين في الجنوب في نقابة واحدة أسوة باتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الموحد قبل الوحدة وفي ظل نظام الرئيس السابق علي صالح. واستشهد الصحافي محمد علي قاسم ، فيما سجن وعذب صحافيون آخرون ومنهم الزميل منبه ذمران والذي كان يعمل في وكالة سبأ للأنباء وخرج من السجن وهو مصاب بالسرطان وتوفى على إثر إصابته بمرض السرطان .. هذا فيما اعتقل الأخوان عبد الرحمن سيف إسماعيل الذي كان يعمل في قسم التحقيقات بصحيفة الثورة، لكنه يعمل حاليا في وزارة الإدارة المحلية .. كما تعرض الأخ محمد الشامي الذي يعمل حالياً مستشاراً بوزارة الثقافة للتعذيب بسبب مواقفه الحرة والصلبة من الجرائم التي طالت وتطال الصحافيين، بالإضافة إلى فرض النفي على الأستاذ عبدالباري طاهر، نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق. ولم يأتِ المؤتمر التوحيدي لنقابة الصحافيين اليمنيين ، إلا بعد إعلان الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م وكان أول نقيب للصحافيين اليمنيين بعد أن توحدت نقابتهم هو الأخ عبد الباري طاهر. ومع ذلك ، فقد عاد مسلسل الاعتقالات والضرب للصحافيين بعد حرب صيف عام 1994 م ، وحتى اليوم مازال الصحافيون يتعرضون للضرب والاهانات والاذلال بسبب مواقفهم ونضالاتهم الصلبة.لقد تم رفع شعار “من كتب لبج” كسلاح في وجه الصحافيين وعلي اثر هذا الشعار في عام 1994م ضرب الدكتور أبو بكر السقاف أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء وبعصيان كهربائية، على الرغم من كبر سنه . وتعرضه للخطف والضرب جاء على اثر كتابته مقالات تعبر عن رأيه في الوحدة القائمة على القوة والقهر والغلبة. وظل الصحافيون يدفعون ثمن مواقفهم من الأهداف العظيمة كالتغيير قبل الثورة الشبابية الشعبية السلمية وخلالها وما بعد نتائجها الأولى ولا أدل على ذلك من استشهاد المصور الصحافي طارق الشرعبي يوم جمعة الكرامة وتهديد قائد الحرس الجمهوري للصحافيين وتوعدهم بالعقاب واتهامهم بالعمالة والخيانة والتجسس لصالح تنظيم القاعدة خلال الأسبوع الماضي .. فهل وصل الصحافيون إلى بر الأمان؟. إن المطالبة بحرية الصحافة مازال مطلبا شرعيا وقانونيا مطروحا أمام سلطات الدولة في اليمن وأمام مؤتمر الحوار الوطني القادم، فعلى الرغم من أن دستور دولة الوحدة نص على الحق في حرية التعبير وبالرغم من تضمن قانون الصحافة رقم (25 ) لسنة 1990م، على حقوق للصحافيين بالتعبير عن آرائهم عبر المقال والخبر والكاريكاتير وغيرها من القوانين الحقوقية، إلا أن الأذرع الطويلة لسلطات الدولة كالمؤسسات الأمنية والعسكرية لا تعترف بذلك ولا تؤمن بها. كما أن السلطات التقليدية لبعض المشائخ في الأرياف، ما تزال ترفض الاعتراف بالحقوق المدنية للمواطنين، سواء كانوا صحافيين أو غير صحافيين، وما زالو يمارسون سلطاتهم خارج نطاق القانون والدستور كوراثة لسلطات آبائهم منذ قرون خلت، حيث يمتلكون السجون الخاصة بهم والتي هي أشبه بزرائب الحيوانات.