منذ عشرات السنين ونحن نسمع صرخات الجهاد من أفواه الكثير من علماء الدين الإسلامي، وبعد كل مجزرة وجريمة ترتكبها اسرائيل تتعالى أصواتهم، مطالبين بفتح باب الجهاد ويدعون الأنظمة العربية إلى فتح الحدود والسماح لقوافل المجاهدين بالمرور إلى أرض فلسطين، ليلقنوا هذا المحتل الغاشم أقسى الدروس ويجعلون منه عبرة لمن لايعتبر.. ومنذ عشرات السنين أيضاً والجامعة العربية تدعو إلى عقد قمة عربية طارئة على مستوى الزعماء العرب لمناقشة آخر المستجدات والتطورات على الساحة العربية والوقوف وبحزم أمام الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الصهاينة وينتج عنها عشرات الشهداء ومئات الجرحى وآلاف المشردين من أبناء الشعب العربي في فلسطين ولبنان.. وقبل كل قمة كان الأمين العام للجامعة العربية يؤكد أن هذه القمة تختلف عن القمم السابقة وستخرج بقرارات هامة جداً تضع النقاط على الحروف. وبعد كل مجزرة اسرائيلية كان الشارع العربي يثور غضباً من المحيط إلى الخليج ويخرج في مسيرات ومظاهرات يخيل لمن يراها أن أجل اسرائيل قد حان وأن هذه الجماهير الغاضبة لن تكتفي بإحراق الأعلام الاسرائيلية والأمريكية وترديد الشعارات الحماسية والعبارات المعادية لاسرائيل ومن يقف وراءها.. وأن ثورة الغضب العربية لن تقف إلا على أسوار القدس!! غير أن هذا الغضب العربي الشعبي والرسمي سرعان مايخبو ويتوارى ولايبقى منه غير بيانات الشجب والإدانة والاستنكار.. فلا قرارات هامة ولا وضع الزعماء النقاط على الحروف كما نتوقع. ومادام الأمر يتعلق باسرائيل، فمن العيب أن تتخذ الجامعة العربية قراراً يدعو إلى طرد سفراء اسرائيل من الدول العربية التي يوجد فيها سفراء.. أو تدعو إلى إرسال قوات عربية لحماية الشعب العربي ووقف الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المقدسات الإسلامية، وأن يتحرك الزعماء العرب للمطالبة بتسليح ودعم المقاومة داخل فلسطين.. كما أننا لن نسمع أبداً الشيخ يوسف القرضاوي وغيره من علماء المسلمين يدعون إلى الجهاد ويفتحون معسكرات لتدريب الشباب العرب وإرسالهم إلى فلسطين لقتال اليهود وفك الحصار عن قطاع غزة، لأن باب الجهاد ضد اليهود وأعوانهم لازال مغلقاً ولم يفتح بعد ولايمكن للمجاهدين التسلل عبر الحدود للقيام بعمليات انتحارية داخل اسرائيل فالأنظمة العربية وجيوشها أحكموا إغلاق حدودهم وبشكل يستحيل التسلل منها.. ولسنوات طوال كان المواطن العربي يصدق المبررات والأعذار التي يسوقها زعماء أنظمته وعلماء دينه.. وتبقى آماله معقودة بفتح باب الجهاد المغلق بإحكام.. وفتح ثغرات عبر الحدود يمكن للمجاهدين التسلل من خلالها والوصول إلى فلسطين.. وكان المواطن العربي يتساءل باستمرار.. كيف استطاع تنظيم القاعدة الوصول إلى أمريكا وكيف تمكن من اختراق الحدود والوصول إلى العراق وسوريا واليمن ولم يستطع الوصول إلى حدود اسرائيل..؟؟ ولماذا فتح العلماء باب الجهاد في اليمن وسوريا وليبيا.. ولم يفتحوا باب الجهاد في فلسطين؟، فكان الجواب دائماً.. لايجوز أبداً إعلان الجهاد ضد اليهود المغتصبين، ولكنه يجوز ضد المسلمين وقتل المسلمين وتدمير أوطانهم أكثر ثواباً وأعظم أجراً من قتل اليهود والنصارى.