الأزمات وسوء الأوضاع والمشكلات المتفاقمة لا تنزل من السماء ولا تخرج من باطن الأرض.. ولكنها نتاج طبيعي لممارسات غير طبيعية، ولتصرفات همجية طائشة..! وفي شأن الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية يبدو أن الأمور تأخذ منحى غريباً.. حيث نرى ثمة من يستهويه ركوب جوفة “الوصاية” على أبناء المحافظات الجنوبية..!. ونرى كذلك - وهذا مبعث الغرابة - أن ثمة عناصر من أصل جنوبي “تترندع” في صنعاء منذ عقود طويلة ومنقطعة عن مناطقها منذ أكثر من ربع قرن، وليس لها صلة لا من قريب ولا من بعيد بما يجري في المحافظات الجنوبية من نضال وتضحيات. نراها اليوم تتطفل على القضية الجنوبية وتقدم نفسها وصياً على الجنوب..! وقد سمعنا عن مجموعة من هؤلاء يتمسحون يوماً بالسفارة الأمريكية وسفيرها، ويوم آخر عند المبعوث الأممي جمال بن عمر.. ويوم ثالث عند سفراء الدول الخليجية بصنعاء.. وهكذا؛ بوصفهم – كما يدعون- حاملين لملف القضية الجنوبية، التي هي منهم براء..! الغريب أن الجهات الدبلوماسية الصديقة والشقيقة وكذلك الجهات المعنية في الحكومة تتقبل هذا النوع المتطفل، وتندفع للتجاوب معه لتسلمه الجمل بما حمل..! والصحيح يقيناً أن الحراك الجنوبي فقط هو الحامل الوحيد للقضية الجنوبية. الوقائع والشواهد تؤكد بالفعل عبثية هؤلاء “الأوصياء”، وتقدم أدلة تثبت أنهم يستثمرون القضية الجنوبية لصالح مشاريعهم الارتزاقية الشخصية التي عاشوا بها في تاريخهم على حساب كرامة أبناء المحافظات الجنوبية وتضحياتهم. إن حماسة هؤلاء للتطفل أصبحت فاضحة، حيث المساحة الفاصلة تضيق بألاعيب نشطة لهم لا تهدأ ولا تستكين بعمليات وأعمال اللطش والكسب غير المشروع.. المفارقة الساخرة أن هؤلاء “الأوصياء” قد انسلخوا عن المحافظات الجنوبية مبكراً، وفقدوا جذورهم في مناطقهم، وأصبحوا منبوذين من أبنائها إلى درجة مثيرة للازدراء.. ولا غرابة فقد اقترفوا من أخطاء الارتزاق والتهموا من الحقوق بطرائق “التهليب” والاحتيال، وتركوا خلفهم من الضحايا بصورة لا تقل عن جرائم وطنية وأخلاقية وإنسانية يستحقون لقاءها أن تنصب لهم المشانق في الساحات العامة. السؤال الأهم الآن هو كيف تقبل تلك الجهات أن تتعامل مع هؤلاء “أوصياء” الغفلة في أخطر قضية وطنية بحجم القضية الجنوبية..؟! إن من يزعمون أنفسهم أوصياء على شعب المحافظات الجنوبية وهم يتمخطرون في فللهم الفارهة في صنعاء، ويتبرطعون بشركاتهم وثرواتهم التي جنوها على حساب تضحيات ودماء المواطنين - وهم المعروفون بتأريخهم ما قبل الوحدة وما بعدها - اليوم يتعسفون صفة الوصاية، لدرجة أنهم لا يكتفوا بالثراء غير المشروع، بل يتمادوا إلى الوشاية الكاذبة وغير النزيهة بالجنوب وقضيته العادلة..! إنها تراجيديا “الأوصياء” وقد تحولوا إلى أدوات ارتزاق وهدم ونهب ومخالب تنهش في جسد المحافظات الجنوبية.. وتبقى الحالة قائمة بتراجيديتها إلى أن نضع حداً لهؤلاء ولمهازلهم وسخافاتهم. حيث الأفراد زائلون.. والشعب والوطن باقٍ إلى أبد الآبدين..!