في ليله من ليالي نيسان وأنا أجلس في ظلام دامس ومشاعر الألم والحسرة تنازعني عندها تحسست قلمي وأوراقي لتسجيل وتدوين بعض الخواطر والمخاوف المشروعة . في هذه الليلة وكل ليلة تسود أجواء السكون والظلام إلا من أصوات أعيرة نارية متقطعة كانت تفزعنا في البداية حتى تعودنا عليها ولم نعد نسأل عن مصدرها أو سبب إطلاقها وكيف أصبح البعض لا يفكر في هدم المعبد والجلوس على أنقاضه بل أصبح فعلا يمارس هدم المعبد ويقلق سكينة وأمن الوطن والمواطن بدون وجه حق. في الوقت الذي نجد لكل ظاهرة تفسيرا منطقيا سواء كانت ظاهرة سياسية ام غير سياسية والغريب عندما نبحث عن تفسير لما يحدث هذه الأيام من أزمات ظواهر وما تمر باليمن من أحوال وأهوال اكتوى بنارها الكبير والصغير، الغني والفقير ساكنو المدن وقاطنو الأرياف ولم تستثن من سعيرها احداً أصبح الحليم فيها حيراناً والنتيجة أن هذه الظواهر السياسية والأمنية والاقتصادية لم نجد لها تفسيرا منطقيا واحدا ولا يمكن تفسيرها إلا إنها نوع من “التراجيديا” العبثية وسأذكر وليس على سبيل الحصر بعضاً منها وأولها وأخطرها ظاهرة الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي والتي نعاني منها في اليمن منذ سنوات مضت بسبب الأعمال التخريبية لخطوط نقل الطاقة الكهربائية الممتدة من محافظة مأرب حتى العاصمة صنعاء وبلغت اقسى صورها التراجيدية هذه الأيام عندما تستمر فترة الانطفاء لساعات طويلة وقد لا يأتي التيار الكهربائي أصلا حتى بعد هطول دموع الشيخ ربيش التي تمنيت أن لا أراه يبكي من أجل الكهرباء ولكن تمنيت عليه أن يزمجر مثل الأسد ويقود حملة شعبية لتأديب مخربي محطات وخطوط النقل الكهربائي ومفجري أنابيب النفط وسوف تسانده وتقف معه جميع شرائح المجتمع اليمني المتضررة من هذه الأعمال التخريبية الجبانة . الظاهرة الأخرى والتي ضربتنا في مقتل نفسي واقتصادي واجتماعي هو انعدام المشتقات النفطية من الأسواق من وقت إلى آخر وارتفاع أسعارها عما كانت قبل وحتى إن توفرت فإنها أصبحت صعبة المنال على محدودي الدخل وكذلك نشاط الأسواق السوداء وبيعها بأسعار خيالية والأخطر من ذلك ارتباط ارتفاع أسعار بقية السلع والخدمات بارتفاع أسعار المشتقات النفطية وحتى لو حدث تخفيض في أسعار المشتقات النفطية فإن بقية السلع لم تتأثر بهذا التخفيض لغياب الرقابة من الدولة والموت السريري لضمائر التجار والمستوردين لهذه السلع وخاصة الأساسية منها . والمخاوف المشروعة لدى الجميع تتمثل في ضبابية الرؤية عند البحث عن المتسبب في هذه الظواهر والحوادث التي مرت باليمن منذ أكثر من عام ونصف العام هي أن لا نجد إجابات وتفسيرات منطقية وسليمة وأن تسجل كل هذه الحوادث والظواهر التخريبية والأعمال الإجرامية ضد مجهول وأهمها الظواهر والجرائم الأمنية والسياسية مثل حوادث قتل المعتصمين في المسيرات السلمية وكذلك الكشف والمحاكمة لمرتكبي مجزرة جمعه الكرامة وكذلك حادثة تفجير جامع دار الرئاسة والتي صنفت من أبشع جرائم الاغتيال السياسي في تاريخ اليمن لأنها استهدفت قيادات الدولة وهم يصلون الجمعة في أحد بيوت الله ودون اعتبار لحرمة المكان والزمان وكذلك الكشف عن المتسبب في تفجير أنابيب النفط والاعتداء على محطات توليد الطاقة وخطوط نقل الكهرباء وهي تعتبر ظواهر أمنية واقتصادية غريبة وشاذة ولا تمت إلى أخلاق وصفات الشعب اليمني بشيء والمشهود له بالإيمان والحكمة ونحن على ثقة إن الجميع لديهم الرغبة في معرفة التفسيرات المنطقية ومعرفة الأسباب والمتسببين في جميع الأزمات والظواهر السلبية التي مرت و تمر بالبلاد والرغبة أيضا وبشدة بعد كشف المجرمين ووجوب معاقبتهم جراء ما اقترفته أيديهم الآثمة في حق هذا الشعب الطيب. نريد أن نعرف من يدير الحرب على الشعب في قوته في احتياجاته الأساسية من مشتقات نفطية من كهرباء وغيرها، من يتلذذ بتعذيب خمسة وعشرين مليونا من اليمنيين بصورة يومية ولا نريد الانتظار لثلاثين عاما أخرى حتى نعرف إجابات لهذه الأسئلة وتفسيرات لمخاوفنا وأسئلتنا المشروعة وتفسيرات للظواهر السياسية والأمنية والاقتصادية الدخيلة على مجتمعنا اليمني الأصيل وكذلك اتخاذ التدابير اللازمة لعدم حدوثها حاضرا ومستقبلا . [email protected]