بعد أن ترتشف قهوتك الصباحية.. لا يكتمل يومك الصباحي دون أن تمرَ بكشك (العم أحمد الحرازي).. ذلك الرجل (الخمسيني) الذي يستقبلك بابتسامته الهادئة.. ويقدم لك صحف الصباح لتقرأها وتُطل من خلالها على أخبار الوطن والعالم.. ولم تكتمل تلك الصورة الصباحية الجميلة دون أن تكتحل عيناك برؤية السائحة اليابانية (إيمي) وهي تدوّن بجواره مقالاتها لترسلها إلى الصحف اليابانية.. وكأن ذلك الكشك وكالة أنباء تحمل أخبار اليمن إلى العالم.. وخاصة ما يدورُ داخل تلك الأزقة عند مدخل (باب اليمن) بصنعاء القديمة..!! كما ذكر (العم أحمد) أن لها أكثر من أربع سنوات وهي باحثة في الشأن اليمني.. ميزة أخرى يتميّز بها (العم أحمد) وهي مزج الصور بخلفياتٍ من الآثار اليمنية وخاصة صور (القادة) والشخصيات الثقافية البارزة في اليمن والوطن العربي كما عمل مع صورة الراحلة د.رؤفة حسن.. وعندما تشاهد تلك الإبداعات تدرك تماماً إحساسه المرهف ولمساته الساحرة في تطويع خياله الخصب.. الذي يسعى لقريب الرؤى بين المتنافرين.. فتجمعها ريشة إبداعه وصوره الإنسانية ويعرضها لزواره وللسياح بأبهى حُلّة.. مهما أسهبت بحديثي عن (العم أحمد) وكشكه العريق الذي يرابط عند مدخل (باب اليمن) منذ سبعينيات القرن الفائت ولايزال يقدم خدمته للمثقفين والمبدعين فإن ذلك لا يفيه حقه.. وعندما طلبت منه بعض (المعلومات) عن كشكه العريق قال: (لا يهم أن يكون في الضوء) المهم أنه يخدم وطنه.. رغم أن الكثير كتبوا عنه في العديد من الصحف والمجلات.. وما يحز في النفس أن السياح والأجانب يعرفونه أكثر من أبناء جلدته وخاصة المعنيين بالأمر.. كالجهات الحاضنة للثقافة والإبداع التي لا تدري كثيراً عن الجنود المجهولين أمثال (كشك العم أحمد) وخدماته التي يقدمها بصمتٍ للمثقفين والكتّاب والصحفيين والسياح الوافدين لرؤية بلد الحضارة والجمال.. عبر فاتنة اليمن (صنعاء القديمة).. و(عاصمة الروح) حسب د.المقالح.. ويذكرني كشك (العم أحمد) بالمقاهي الثقافية المصرية واللبنانية.. خاصة تلك التي ألهمت خيال الأديب العربي العالمي (نجيب محفوظ) والتي قرأناها له عبر رواياته الرائعة.. فمن تلك الأماكن والأزقّة انطلقت تلك الدرر إلى العالم..!! ولم أتوقع يوماً ما أن يكتمل يومي الصباحي وكل عشاق الحرف الذين يطوفون حول كعبته ويبتهلون بصلواتهم في أروقته الروحانية.. دون المرور بكشك (العم أحمد) لنرتشف مع قهوة الصباح من كؤوس الحرف الذي يسعى لتقديمه لكل مرتادي كشكه الرائع.. فهل ستتكرم وزارة (الثقافة) بلفتة كريمة لهذا الرجل وتقوم بتكريمه ليكون ذلك بمثابة رد الجميل..؟ فهو يستحق أكثر من تكريم، لأنه يعيد لليمن ما فقد من سمعته التي شوّهها الإرهابيون وقطّاع الطرق.. ويقوم هو بدور جميل ليكون (كشك العم أحمد) صورة مصغّرة لكل أبناء اليمن الطيبين عشّاق السلام والأمان أهل الطيبة والكرم. فهذا الرجل يستحق أكثر من مجرد تكريم.. يستحق أن يُنحتَ له تمثال عند (باب اليمن) ليخلّد دوره الوطني وأعماله الوطنية الرائعة.. [email protected]