بازدياد الضغوط السياسية الخارجية الإقليمية منها والدولية ومع تصاعد الانتفاضة الشعبية حُشر نظام صالح في الزاوية لاسيما والمعارضة كانت قد قبلت بالمبادرة الخليجية بصيغتها المعدلة لأكثر من مرة تلبية لرغبات الرئيس السابق. هكذا بدا المشهد اليمني ضاغطاً في مايو 2011م لتضييق الدائرة حول الرئيس السابق ولتشهد العشر الأيام الأخيرة في شهر مايو تطورات خطيرة في الأحداث وذلك من خلال استخدام النظام السابق للقوة العسكرية فكانت أحداث الحصبة والصدامات العنيفة التي شهدتها أحياؤها المختلفة سقط خلالها المئات من الضحايا بين قتيل وجريح ولتشهد دماراً كبيراً للمنشآت العامة والخاصة ترافق ذلك مع تحشيد النظام السابق لأنصاره في ساحة السبعين دفاعاً عن شرعية سقطت في جمعة الكرامة وبخروج الملايين من اليمنيين في أكثر من 18 ساحة في عموم محافظات الجمهورية. يبدو واضحاً أن النظام السابق قد قرر الحسم العسكري في العشر الأيام الأخيرة من مايو 2011م وكان لتعز النصيب الأكبر من ذلك القرار الأرعن والطائش، حيث شكلت ساحة الحرية في تعز عاصمة الثورة والانتفاضة الشعبية الشبابية وقلبها النابض عنواناً للثورة السلمية.. وفي يوم مأساوي وحزين أقدمت منظومة النظام السابق الأمنية والعسكرية وبتخطيط مسبق على اقتحام ساحة الحرية ابتداءً من عصر يوم الأحد 29 /5/ 2011م بافتعال مصادمات دامية في مدخل الساحة الشرقي جوار مديرية القاهرة سقط فيها العشرات من الشهداء والجرحى من خيرة شباب الساحة، حيث استخدمت القناصة الملثمين في قتل الشباب ولم ينتهِ مساء ذلك اليوم وبزوغ فجر الاثنين لتفيق اليمن والعالم على مشهد إجرامي يندى له الجبين، حيث أقدمت تلك المنظومة على اقتحام الساحة وحرقها وقتل من تواجد فيها وحتى المعاقين المستضعفين لظروفهم الذين صرعوا حرقاً رحمة الله عليهم جميعاً.. غير النهب والسلب للساحة والتدمير والتخريب للمستشفى الميداني ومستشفى الصفوة الخاص في محرقة أدمعت وأبكت الشجر والحجر وأصابت كرامة أبناء مدينة ومحافظة في الصميم لطالما حافظوا على سلمية ومدنية انتفاضتهم. توهمت منظومة النظام السابق بأنها بحرق الساحة ستنتهي الانتفاضة والثورة إلا أن تعز كطائر الفينيق سرعان ما لملمت حزنها وجراحها وبعد يوم من الحزن والحداد. جاء يوم الثلاثاء ليكون موعداً لانطلاق الثورة الثانية ”ثورة الكرامة” تداعى لها في جولة القاضي أشجع وأشرف وأكرم أبنائها ونسائها بمسيرة سلمية سقط فيها ثلاثة من الشهداء الأبرار بينهم الأخ الشهيد الدكتور عصام أحمد نعمان المصلى رحمة الله عليه وعلى بقية الشهداء، لتهب بعدها محافظة بأسرها في ثورة كرامة سطر فيها أبناؤها ونساؤها أروع معاني البطولة والصبر والصمود والإصرار على الاستمرار وبزخم كبير في سلمية ثورتهم واستعادة ساحتهم بحماية طوعية من أشرف وأنبل رجالاتها. وصمدت الثورة وانتصرت ثورة تعلي قيمة العدالة لا الانتقام والثأر وقيمة القانون لمعرفة الحقيقة واستعادة الحقوق والإنصاف ونهج التسامح والتصالح لا الإلغاء والإقصاء. أما تلك المنظومة فهي اليوم خارج التاريخ وهي عبرة لكل المستبدين والطغاة بأن إرادة الشعوب لا تقهر ولا تهزم، وأن المستقبل إن شاء الله للتغيير واليمن الجديد يمن بناء الإنسان وتحريره.