غُصّة تتوسد قلبي .. أشعر بها تنخر هذا الكائن الضعيف الموشوم بمواعيد الوهم وهي تنسدل على مفرقه كلما حاول أن يجتاز بي أمكنة الدهشة. فحين يفشل صباح العصافير في بثّ قيَم المحبة والتسامح وهي تزقزق محبة الله لأكوانه وتسبيحاتها الشاهقة لملكوته .. يفشل زهو الفطرة الإنسانية .. وتنغلقُ مفاهيم العدل والرضا والقناعة والألفة والأمل .. وتغدو القلوب بوخزة قهر وتروحُ بنقمة وعد . ويفشل الصباح في شدو أغنية الرزق .. حين يتعالى أنين الجرحى .. وتتوالى صرخات المكلومين من حناجر الرفض واللاءات المُحدّقة في فراغ الغثاء وتهافت البعض على قصعة الوطن وخيراته وتعاويذه .. تاركين البسطاء في جحيم المعاناة وصلف السؤال وحاجة الخزي على أبواب اللئام المارقين عن سعة الأماني في موائد السماء وهي تتنزّلُ بقدرة الاحتيال إلى جيوبهم وأرصدة مسافاتهم الوجلة . وحين يتكوّم حصاد العناء .. وتكبرُ فاحشة الرؤى العدوانية .. وتثمرُ فواكه المؤامرات الليلية .. يفشل الصباح في مدد أغنية الوفاق .. وتتبددُ أحاجي الحوار .. وتتسرّبُ دهاليز الفتنة عبر مستنقعات الشماتة والعمل على إذكاء لغة الخراب وأيقونات الرصد القميء .. يصبح قميص الوطن كأبشع ما يكون منظراً ورائحةً .. يجعل من وطني منبوذاً في عيون قوافل المجد ودائرة العصر الجديد .. وهو يجرجرُ خيباته في أملٍ كاذب .. ككذبة الصباح المُعتّق بفجور الحيلة وهي تنمو في مخيلة وهم الإخوة الأعداء .