في حضرة الفرح الجميل كم نتوق إلى لحظة هادئة كي ترتوي دورة الأرض, وتقذف أدرانها المتعبة. في حضرة الأرض يلمع بريق العيون وتمتلئ الأوردة بالعافية. في حضرة العشق تنقشع الغيوم، تلوح في السماوات «أقواس قزح» وتنشر الفراشات ألوانها الرائعة.
لكم نحن بحاجة إلى تعويذة تعلمنا تفاصيل عشق الأرض، وتنأى بنا عن جلبة «للرفاق» ورقصتهم فوق جماجم أطفالنا. كم نحن بحاجة إلى تعويذة تفجر في الأرض البراكين، وتفضح في عنفوانها رعاة تكومت فوق الذقون أكاذيبهم الباطلة. كم نحن بحاجة إلى وردة تسقط عنا هذا الوجوم والصمت والخوف الرهيب، وتقيم على أنقاضها قصوراً من العشق وأهراماً مصنوعة من خزف وبخور وماء معطر بالفل وبعض المواويل.. والياسمين.
إذا أنت غنيت للعصافير ابتسمت في الوجه فراشات الصباح, وإذا اكتحلت بطين هذه الأرض أينعت في القلب وردة, واختفت من عيون العذارى دمعة مثقلة بالحنين. إذا أنت أطلقت للقلب عنان الفرح غادرت أرضنا جراح الفراق, وابتلعت سمواتنا أيامنا الشاحبة. دعوا الأرض تلملم أفراحها، واركضوا بعيداً عن أغصان أشجارها، فإن الذي يصرخ في وديانها أصابته لعنة أحزانها، وإن الذي بات يتلو بيانات إعدامها غابت عنه قوة إيمانها بأن الأرض تبقى ويرحل أعداؤها!. هي الأرض معشوقة أحبابها, فلا تزرعوا الخوف في أحشائها؛ فإنها راسخة في نفوس أبنائها الطيبين. إذا بللت دمعها ثنايا الوجوه؛ فإنها قد ولدت واقفة, وإذا غاب عنها التساؤل فإنها في أحلامنا حاضرة.
هي الأرض إذا ناخت قليلاً تراءى لأعدائها أنها نائمة، فإذا أوغلوا في الشر تراها لهم صامدة. إذا فكروا في بتر أصابعها نبتت لها مخالب كاسرة, وإذا باتوا يقرأون سورة موتها؛ تفجر في الدماء شعلة نبضها الهائلة. لا تلوموا من وزّع منشورات مقتلها؛ فإن الذي قاده وهمه بات فيها وحيداً يفكر في كذبة واهية!. هم يعرفون إذا حصحص الحق باتوا يفرّون من خوفهم إلى حتفهم، فليس ثمة مخرج غير الهاوية!.
لها العشق وتعويذة الشعر وحبات المطر و«فل» و«كاذي» وأغنية لا تبرح الأرض حتى تنام الجفون ويصحو في القلب «وطن»!. 7 ابريل 2010م