قد يكون ما يجري في المشهد المصري اليوم من ردود فعل لا يمت للعمل الحزبي والسياسي بصلة سواء فيما يتعلق برفض الناس هناك ما يحصده مرشح الفلول أو ما يطلق عليه بقايا نظام مبارك من أصوات المواطنين إلى جانب مرشح الإخوان مرسي والذي حصد أيضاً الملايين بل تفوق على شفيق، لكن الصدمة التي لم يكن يتوقعها ثوار مصر أن يحصد المرشح شفيق وهو المحسوب على نظام مبارك هذا الكم الهائل من الأصوات.. والحقيقة أن ما حدث حسب اعتقادي يعد أمراً طبيعياً نظراً لما جرى ويجري على الساحة المصرية من أحداث ومتغيرات يصعب على أي قوة في الأرض أن تتعامل معها وبأفضل حال من تعامل المجلس العسكري المصري وكلنا تابع وشاهد كيف كان التدرج والتعاطي الراقي من قبل العسكريين أولاً مع رأس النظام مبارك قبل سقوطه، ثم بعد ذلك مع أفراد الشعب المصري في الميدان أو في البلاد بشكل عام.. وقد يقول قائل إن حالة الفلتان الأمني في مصر قد اتسعت رقعتها وصار المواطن المصري يخشى على نفسه، وكما هو الحال في بعض بلدان الربيع العربي بدءاً بتونس ومروراً بليبيا ومصر وصولاً إلى اليمن ولنتجنب الحديث ولو بشكل مؤقت عن سوريا، كون ما يحدث في سوريا حسب اعتقادي يدخل في إطار الجرائم المتعاظمة ضد الإنسانية والتي ترقى إلى جرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني وجرائم حرب البوسنة والهرسك وحروب الإبادة الجماعية مثل ما حدث في رواندا وفي بلدان كثيرة على وجه البسيطة. وعودة إلى بدء أقول أن الأشقاء في مصر خصوصاً قيادات الثورة عليهم أن لا ينجروا إلى متاهات قد تدفع بالأمور في بلد مهم كمصر إلى مربع خطير يصعب السيطرة عليه وتبعات ذلك ستكون وخيمة، فيما يجري إعلامياً يبدو أنه مسلسل لرفع وتيرة الغضب والرفض الشعبي لما آلت إليه نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والتسريبات التي بدأت تظهر عبر وسائل إعلام أجنبية لها صولات وجولات في مجال الإعلام والمتابع العربي والمصري يثق بها ويعتبرها من المصادر الإعلامية التي لا غبار عليها، كوكالة رويترز والتي أوردت نبأ حصول تزوير 900 ألف صوت وصار مثل هذا الخبر حديث الشارع العربي رغم عدم قدرة أي جهاز حالياً على حصد مثل هذا الرقم الكبير وتحويله لصالح طرف بعينه خصوصاً والمشهد كله تحت المجهر.. حقيقة أنا هنا لا أحاول أشكك في مصداقية رويترز وليست لي مصلحة أيضاً في عدم شفيق أو مرسي، لكن من باب تسليط الضوء على موضوع قد يكون فيه من الصحة والمصداقية إعلامياً وقد يكون عكس ذلك، لكن كعربي يهمني أمر مصر والشأن المصري بصريح العبارة وحد علمي يهم كل أبناء الأمة العربية دون استثناء، فما يحدث في هذا البلد العملاق سينعكس بشكل أو بآخر على كافة بلدان المنطقة شئنا أم أبينا أو هكذا يقول التاريخ والسياسة ومنذ مئات السنين، فما يجري في قاهرة المعز سوف تتداعى له عواصم المنطقة من بغداد إلى دمشق ومروراً بالرياض وصنعاء والخرطوم وبيروت والجزائر والرباط وتونس ولن يتوقف المشهد في هذا القطر أو ذاك، بل سوف تتعدد الأحداث وسيطالنا غبار العاصفة بكل تأكيد وأكثر ما أخشاه حقيقة أن نصل إلى مرحلة كالتي وصل إليها الأشقاء. القبول بأي شيء من أجل استمرارية الحياة من أجل البقاء فقط وهو ما تسعى إليه مراكز القوى التي خسرت مصالحها وتستميت في الدفاع عنها وكما يحصل على الساحة الوطنية في بلادنا، فقد وصلنا إلى أسوأ الأمور في مجال توفير الطاقة الكهربائية على سبيل المثال خلال النظام السابق ، لكن لم تصل اعتداءات المخربين إلى هذا الرقم الهائل بل القياسي للخراب وبما ينذر بكارثة اقتصادية محققة لا محالة خصوصاً والخسائر قد تجاوزت حسب المصادر المؤكدة من المؤسسة العامة 34ملياراً في وقت لم يتم تسديد بقية قروض المحطة الغازية حتى الآن ناهيك عن حجم تلك الاعتداءات المتكررة والتي تضاعفت خلال الآونة الأخيرة وبشكل غريب وعجيب وهذا حسب اعتقادنا ما تسعى إله قوى الخراب والدمار أو تيار الممانعة لإيقاف حركة التغيير.. ختاماً نقول إن القبول بالحاصل هو هدف قد تقبل به قوى التغيير والقوى الصامتة بل وكل القوى الموجودة على الساحة بعد أن ينفد صبرها، في وقت يزداد نهم وعطش قوى الخراب والدمار على ممارسة تلك الأعمال التي تقترفها هنا وهناك بغية العودة إلى الخلف أو التزحزح قليلاً عن مطالب الحق والخير والبناء والتي تطمح إلى تحقيقها القوى الخيرة في هذا البلد الحزبية منها وغير الحزبية، وكذلك الحال ينطبق على الأشقاء في مصر وإن كانت المعاناة في قاهرة المعز قد تجاوزت حدود الصبر..وبعيداً عن الخصوصية لهذا القطر أو ذاك الوضع يبدو متشابهاً وإلى حد كبير جداً وننصح بقبول ما ستؤول إليه نتائج الانتخابات، لأن الصندوق إن احتكمنا إليه فعلاً وسلمنا بنتائجه فسوف نصل إلى أهدافنا وبأيسر وأسهل الطرق ومسألة التراجع عن الفعل الثوري صعب وصعب جداً في حال حاول أي رئيس قادم أو حزب سياسي الالتفاف على مطالب الجماهير بمحاولة فرض الهيمنة والتسلط ومن جديد بل نزعم أن عملاً من هذا القبيل سيكون حسب اعتقادنا بمثابة الانتحار السياسي المبكر...وللحديث صلة. [email protected]