يبدو أن تطور الأمور في مصر قد يساهم في إحداث تغيير جزئي في مشهد الربيع العربي لصالح الفلول وبقايا الأنظمة الهالكة، وبصورة دراماتيكية متعددة الأبعاد.. والأمر لا يحتمل التخمين، فكل المؤشرات في الأزمة المصرية تدل على أن الفلول وبقدرة قادر استطاعوا الوصول إلى هدفهم، رغم كل التغييرات والإجراءات الهائلة التي قام بها الرئيس مرسي خلال فترة توليه الحكم القصيرة، وحتى اللحظة لم تخرج الأوضاع، حسب اعتقادنا، عن نطاق السيطرة، وإن كانت موجة الاستقطابات التي تسللت الشارع المصري قد آتت أكلها، وأكاد أجزم أن التعديلات الدستورية ليست كل المشكلة، ولذلك لن يكون إلغاء تلك النصوص محل الخلاف هي البلسم للجرح المصري النازف، فالجرحى بالمئات ويرتفع أعداد القتلى رويداً رويداً وبأسلوب جديد وخطير.. بعدها سوف نسمع من يطالب بإسقاط النظام كشرط لوقف نزيف الدم، وهو ما يسعى إليه الفلول والرافضون لحكم الإسلاميين من أنصار الثورة، والذين لا علاقة لهم بأنصار نظام مبارك.. لكنهم انساقوا لرغباتهم وبدون وعي إلى هذا المربع، أو لنقل إن الموجة جرفتهم إلى حيث يريد الآخر. ويا له من مشهد ومربع مخيف قد ينسف كل ما تحقق خلال الفترة السابقة من إنجازات لمصر محلياً وإقليمياً ودولياً، واللعبة تبدو خطيرة، واللاعبون أخطر مما يتصور البعض، ونخشى حقيقة ألاّ يستوعب الإسلاميون ما يجري في مصر وغير مصر.. وفي حال استمرت الأوضاع بهذا البطء والانتظار وقد عدنا إلى المربع الأول، ومن يدري ربما نعود إلى نقطة البداية وكأنك (يا أبو زيد ما غزيت).. إن ما يحدث يستدعي أخذ الحيطة والحذر وهو جرس إنذار لقيادات ثورة الربيع العربي وفي كل الأقطار دون استثناء.. لكن اليمن تبدو الأكثر عرضة للخطر أكثر من أي بلد آخر بما فيها مصر، والتي أتوقع أن تتجاوز الأزمة إن لم يكن للعالم الخارجي أي يد في ذلك، وإن كنا نعتقد أن مصر هى وجه الأمة، ونجاح ثورة 25 يناير هو الدافع الأبرز لنجاح ثورتى فبراير في اليمن وليبيا طبعاً، مع تقديرنا الكبير لثوار تونس الخضراء وقائد ثورتهم المرحوم محمد بو عزيزي؛ لأن الشرارة الأولى التى انطلقت كانت من هناك من تونس، ثم انتقل المشهد إلى مصر، ومن باب العظة والعبرة بما يحدث اليوم في قاهرة المعز حري بكل القيادات العربية في دول الربيع العربي استلهام ذلك وقراءة المشهد المصري جيداً، وعدم استسهال أو استصغار ما يجري، فالنار لا تنبعث إلا من مستصغر الشرر، وقد رأينا كيفية تتابع الأحداث، وكيف يعاد رسم المشهد، ومن يدري قد ينقلب الحال في حال استمرت حالة الجمود والمراوحة في ذات المكان سواء في اليمن أو في تونس أو في ليبيا أو في مصر، ويا عالم إلى أين ستجرفنا رياح التغيير، خاصة وقد استعاد العتاولة أنفاسهم وبدت معالم ثورة جديدة تطفو إلى السطح، لا نريد أن نستبق الأحداث، لكن بالقليل المفيد إما أن يكون التغيير ناجعاً وصحيحاً ومقنعاً وإما فلا أحد بيده عصا سحرية ليعيد الأمور إلى نصابها إن فلتت، والحليم تكفيه الإشارة..وختاماً أتمنى أن تكون قراءتي للمشهد سوداوية وبعيدة عن الواقع ليكون القادم أفضل مما هو الآن.. والله المستعان.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك