يقف الوطن اليوم على شفا هاوية سحيقة، ولا سيما في مناطقه الجنوبية والشرقية؛ فإما أن يكون أو لا يكون. فالشرفاء الذين لا يعلنون ولاءهم للحاضر، ولا يحددون موقفهم بصورة واضحة تجاه قضايا أوطانهم، لا يملكون شرف الانتماء والولاء لهذه الأرض. الوطن اليوم يقف على مفترق طرق؛ فهناك سيناريوهات غامضة تُدار في غرف مظلمة لإغراق اليمن في بحور الفتن الطائفية والمذهبية والعنصرية، وإدخاله في حرب أهلية شعواء قاصمة تُهلك الحرث والنسل، وتُدخل البلاد في أزمات خانقة، بدعم وتمويل إقليمي ودولي، على مرأى ومسمع من العالم ومجلس الأمن والأمم المتحدة. فالثورات الحقيقية في أي بلد هي حدث سياسي واجتماعي له مدلولاته العميقة اجتماعيًا وسياسيًا وتنمويًا وفكريًا. ومن هنا ندرك أن الثورة في جوهرها تختلف عن الحركات السياسية أو الإسلامية، وعن الانقلابات العسكرية المحدودة الأثر، التي تدور حول تغيير السلطة ورموزها. وهذا ما يحدث الآن في جنوب الوطن، بدعم إماراتي وإقليمي ودولي، لتمزيق اليمن. وقد تتباين شعارات الثورات وأهدافها من دولة إلى أخرى، بحسب الأوضاع والظروف السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية. أما الأصوات النشاز التي تنادي بالانفصال، فهي أصوات منبطحة وعميلة لأجندات خارجية، هدفها تمزيق اليمن وامتصاص ثرواته وخيراته. ومن هنا ندرك خطورة الموقف الذي يمر به جنوب الوطن، وأن هناك مؤامرات تُحاك بدعم صهيو-أمريكي-إماراتي، حين شعروا بأن اليمن ليس دولة عادية، بل دولة لها وزنها الإقليمي الثقيل والفاعل في المنطقة. فالمنطقة مقبلة على تغيّرات جيوسياسية عميقة، وستُسهم في هذا المشروع، دون استحياء، كلٌّ من السعودية والإمارات ودول القرن الأفريقي، فيما للكيان الصهيوني الدور الأكبر خلف المسرح. لذا، على جميع القوى الوطنية الحرة أن تضع مصلحة الوطن العليا فوق أي مصلحة أياً كانت، وعلى أحرار الوطن الالتزام بالمهنية والحيادية في التعاطي مع الأحداث الراهنة، وعلى دعاة الإصلاح الشرفاء التمسك بقواعد ومبادئ الحوار المسؤول الجاد من أجل مصلحة الوطن العليا وأمنه واستقراره. يكفي الوطن حروبًا ودماءً وتمزيقًا؛ فالوطن هو الأبقى. صفوة القول: لذا، على كافة الأطراف المتنازعة تحكيم المنطق والعقل، وأن تعي القوى السياسية والتكتلات المتباينة من أحزاب وطوائف خطورة الموقف والمؤامرة القذرة التي تُحاك ضد الوطن أرضًا وإنسانًا ووحدةً وانتماءً. وعلى جميع القيادات والنخب السياسية والحزبية والفكرية الاضطلاع بواجبهم الوطني والقومي تجاه الوطن، والوقوف إلى جانب مصلحته العليا. فالوحدة اليمنية خط أحمر، ولا يمكن لأي قوة على وجه الأرض أن تفصل الرأس عن الجسد اليمني مهما كانت. فاليمن أمام اختبار عسير: إما أن نكون أو لا نكون. هل نهادن؟ أم نرفع راية الاعتراض؟ أم ننزوي في ركن الانبطاح؟! نافذة شعرية: أيها الشرفاء.. يا قدر التاريخ والمصير.. الموت في الزمان.. في داخل الإنسان.. ها أنذا مشرّد يتيم.. أبحث في الجحيم.. عن عدالة.. عن أمن.. أسمع أبواق «التتار».. وضجيج الأعداء.. أرى لهيبًا كامنًا في باطن وطني.. وسجونًا وسُحبًا مذعورة.. تغوص في الدماء.. تهاجر كالطيور.. تعود مثل النور.. تموت كالجذور.. تُبعث كالبذور.. في باطن الأرض تسحقها الفاقة.. هذا قدري المحتوم.. فيا وطني الجريح.. ها أنذا شريد.. طريد..!! بتصرف: