كل حوار لا يرتكز على محور الوحدة يعتبر باطلاً نصاً وروحاً.. لأن الوحدة أصبحت محفورة في ذاكرة الأجيال اليمنية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.. بل صارت متجذرةً راسخةً في عقول ووجدان وكيان كل أبناء هذا الوطن الأبي.. وجارية مجرى الدم في عروقه وشرايينه منذ الأزل.. ومن يحاول العبث بها فإنه الخاسر في الدنيا والآخرة مصداقاً لقوله تعالى: «فلا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم». كل شيء قابل للحوار في نطاق سقف الوحدة.. أما الدعوة إلى فك الارتباط وتحديد المصير فهذه أساليب تخفي في مضمونها عواقب وخيمة.. وكارثية على الوطن أرضاً وإنساناً.. إن مرور 32عاماً من عمر الوحدة المباركة يعني لنا الكثير من المحطات والمراحل المليئة بالتحديات والمواقف المفصلية في تاريخ اليمن الحديث.. نحن لا ننكر أن هناك سلبيات ومعوقات أوصلت البلاد إلى أزمات رغم اختلاف القضايا والأحداث التي تنوعت وتشعبت هنا وهناك.. علينا أن ندرك ان اليمن أكبر من خلافاتنا وهمومنا أياً كانت.. ولا ننسى عظمة الحدث الوحدوي الذي ترجمه اليمانيون بكل معاني الوفاء والنقاء لبناء وطن جديد قادر على مواجهة كافة التحديات.. ولكن هناك بعض المدسوسين والمراوغين الذين يحاولون جر الوطن إلى ما قبل عام 1990 م لمآرب ذاتية.. ومصالح آنية.. واهداف طائفية سعياً وراء تمزيق وحدة الوطن أرضاً وإنساناً.. ها هي الذكرى الثالثة والعشرين للوحدة المباركة تقترب من الأفق المليء بالضباب والسواد الداكن.. والوطن يقف على مفترق الطرق يحتاج منا جميعاً إلى وقفة جادة ومسؤولة ووطنية صادقة لإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان.. نحن اليوم مطالبون في هذه المرحلة التاريخية والفاصلة في تاريخ اليمن الحديث بالتمازج الوجداني والتكاتف الاخوي، ورفع شعار: «اليمن يتسع لكل اليمنيين». علينا أن ندرك أن اليمن اليوم يصنع تاريخاً جديداً.. ودولة مدنية رائدة.. وحكماً رشيداً.. رغم التحديات والمعوقات التي سادت في عهد بائد، وما زالت آثارها باقية حتى يومنا هذا.. آن الأوان لبناء اليمن الواحد الموحد.. ولابد ان نتناسى صراعاتنا وخلافاتنا أياً كانت.. فالمارقون مازالوا يدغدغون عواطف الدهماء والسوقة بشعارات جوفاء محاولين إعادة عقارب الزمن إلى الوراء.. ولكن هيهات لهم أن يحققوا ذلك.. فالمستقرئ اليوم للأحداث التي تمر بها اليمن يدرك تماماً ان التحديات لن تزيد اليمن إلا صلابةً وقوةً وإيماناً.. وبأن طريق المجد والحكم الرشيد يحتاج الى تماسك ورص الصفوف وتمتين الجبهة الداخلية، وتوحيد الرؤى والأفكار.. أما البكاء أو التباكي أو الاستبكاء على أطلال الماضي لن تجدي.. فما عادت شمس الأمس تشرق بأيامها ولياليها الماضية مهما كانت درجة سطوعها وعنفوانها.. لذا علينا ان نفكر بعقلانية وموضوعية وبشفافية مطلقة بأن القضايا والأزمات لا تعالج إلا بالحوار الجاد المسؤول.. فالدموع لا تفيد.. والعويل لا يجدي.. هكذا علمتنا التجارب والأحداث والمواقف، فالشرفاء لا يتغيرون، ولا يتبدلون.. مهما كان حجم المؤامرات والدسائس.. لذا آن للشرفاء ان يفكروا في مصلحة الوطن العليا.. ويتناسوا خلافاتهم الآنية.. ويتركوا شعاراتهم الزائفة البائدة «لا صوت يعلو فوق صوت الحزب».. وكل عام والوطن في أمن وأمان وتقدم ورقي وازدهار.. عاش الشعب اليمني عزيزاً شامخاً أبياً. رابط المقال على الفيس بوك