غداً السبت يصطف في قاعة امتحانات الثانوية العامة مئات الألوف من أبنائنا وبناتنا الطلاب، وهذا العدد المبارك ثمرة من ثمار التغيير المنشود لثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، بعد أن عاش اليمن شمالاً وجنوباَ، شرقاً وغرباً، في ظلام الأمية والجهل الكريه. وإذ نسعد بهذا الجيش قاهر الظلام، فإنه كان من أمنياتنا أن توجد سياسة تعليمية واضحة، فماذا نفعل بالجيش دون خارطة تحدد العدو وإمكاناته؟ وما خطط هذا الجيش وأولوياته ومهماته، خاصة وأنه اتضح أن لليمن أكثر من عدو؛ كالفقر والمرض والجهل والعصبية الحزبية والأمية – نصف سكان اليمن أميون – والفساد الإداري والمالي والجهل بطبيعة مجلس النواب والمجالس المحلية وتجاوز الأقدمية في التعيين وعدم احترام التسلسل الإداري واحترام الرتبة الأرفع والمناطقية؟. كنت اقترحت أن يقفل القبول في الجامعات الحكومية لمدة عامين، ويتم استيعاب مئات ألوف الثانوية في بناء طرق ومزارع، ومحو أمية أهل القرى ومن حولها، على أن تقوم هيئات اختصاصية بتدريب هؤلاء الطلاب مثل: وزارة الزراعة وكلية الهندسة والتربية والتعليم، ويمنح هؤلاء الطلاب دبلوماً في الاختصاص الذي سيعملون فيه ليكملوا بعد سنتين البكالوريوس. لقد نجحت خطة بومدين في الجزائر؛ إذ أنجز الطلاب الجزائريون آلاف الكيلومترات من الطرقات، وبما أن اليمن غير مكتمل البنية العامة فالمطلوب توظيف طاقات الشباب بما يفيد. لقد خرّجت الجامعات عشرات الألوف في مجال القانون، بينما لا يوجد عدل كما هو مؤمل، وعشرات ألوف الأطباء ولانزال نبعث المرضى بالحمى والتيفوئيد إلى الخارج، وعشرات ألوف المعلمين ونِصف سكان اليمن أميون. ما ضرّ وزارة الأشغال أن يقوم طلاب الثانوية ببناء المدارس بأيديهم بدل أن تذهب المليارات لبعض لصوص المقاولات وأهل العمولات الفاسدين، وهكذا في جميع المجالات؟. لم يعد طلاب الثانوية يطمعون في الجامعة؛ فقد تخرّج عشرات الألوف قبلهم بدون عمل. قرار يمكن بجرة قلم وقليل عزيمة سيحفظه التاريخ لحكومة الوفاق.