مضى قرن من الزمن، والأمة العربية تعيش وهناً وهزيمة وتخلفاً وتراجعاً في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي ظل عوامل تخلف يمكن إيجازها بالأسباب التالية: قابلية الواقع العربي الإسلامي للاستعمار قابلية للتخلف قابلية للعبودية قابلية للظلم والاستبداد والاستغلال قابلية للتبعية. فقابلية الاستعمار أدت لقابلية التبعية للآخر المتفوق المتقدم. وقابلية التخلف أدت لحالة رفض تام للتحضر. وقابلية العبودية معناها: رفض للحرية وممانعتها بل ومحاربتها. وقابلية الظلم معناها: رفض مبدأ ومنطق العدالة. وقابلية الاستبداد معناها: رفض لكل من الحرية والتطور والعدالة. وقابلية الاستغلال معناها: إبقاء حالات التخلف والظلم والاستبداد. وكل حالة ترتبط بحالة أخرى، فتؤديان معاً لتأخر الواقع العربي وبقائه في أزماته وهزائمه وتجزئته وتخلفه الحضاري الشامل، بدءاً من مجالات السياسة والاقتصاد، وانتهاء بالتخلف الفكري والثقافي والعلمي والتنموي، مما يؤدي إلى استشراء ظواهر الفقر والجهل والمرض والبطالة والانحلال، وانعدام الوعي بحقوق الإنسان، والطفل والمرأة والمعاق والحيوان والبيئة، في ظل استفحال الأمية التعليمية “قراءة كتابة نطقاً” والأمية المعرفية والثقافية والفكرية “الجهل المركب” مع انتشار الفساد المالي والإداري والوظيفي والرشى والمجاملات معززاً بعادات الفساد الاجتماعي والتفكك الأسري والانحلال الأخلاقي، وبوجود التفاوت الطبقي كإثراء الأثرياء وإفقار الفقراء، وتدني الوازع الديني، فيما يتعلق بنزاهة الإنسان، ونقاء الضمير وصفاء العقل، مع عدم التطور في جوانب أخرى هامة كالزراعة والصناعة والرؤى الإستراتيجية للمشاريع الحضارية الكبرى الاقتصادية، كالأسواق المشتركة إنتاجاً اكتفاءً تصديراً وتعاوناً بينياً يؤدي لازدهار الواقع العربي الإسلامي وسعادة الإنسان، التي لايمكن توافرها إلا في ظل الاستقرار “الاقتصادي السياسي التنموي” الذي تتوفر وتتوطد فيه “الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة”. فيحيا المجتمع حالة مستقرة معيشياً واجتماعياً من حيث توفر “العمل والمسكن والعلم والغذاء والدواء” علم نافع، تنمية شاملة،وعي اجتماعي متنامٍ، في ظل كفالة الحقوق وأداء الواجبات، فبتوفر هذه الحاجات، والاستجابة لهذه المتطلبات يكون المجتمع العربي قد حقق أهم انجازاته الحضارية، التي كافح وناضل لأجلها طويلاً. ولم يستطع حتى الراهن المعاصر تحقيقها، ومنذ قرن من الزمن العربي الذي كان حصاد خسائر فادحة يصعب تعويضها في حسابات الزمان والسباق الحضاري، لا في حساب الإمكانيات فقط. حيث كانت حصيلة هذا القرن الذي انصرم من عمر الأمة العربية والإسلامية لأنظمة وشعوباً وأحزاباً ونخباً، حصيلة يائسة جداً تخللتها صراعات، واختلافات وتوافقات مرحلية، أفضت لنتائج معاكسة لطموحات الإنسان العربي، الذي علق آمالاً كثيرة، فحصد يأساً وفقراً ومرضاً وجهلاً وتخلفاً ممتداً من أقصى البلاد العربية لأقصاها.. إذا ازدادت المعدلات السكانية، وتراجعت الخدمات، وتراجعت كثير من الحقوق الإنسانية في مجالي الحرية والديمقراطية، وبقت مشاريع الأمة الإستراتيجية حبراً على الأوراق، علماً أن بعضها لم تكن ملبية لأدنى متطلبات في الواقع. حيث فشا الجهل، المرض، الفقر، التفاوت الطبقي، البطالة، الظلم، التمييز والاستبداد، الاستغلال، التفكك الأسري والاجتماعي، الانحلال الخلقي. تراجع منسوب الإنتاج الزراعي والصناعي، ازدياد معدلات الأمية التعليمية والمعرفية، الفساد الاجتماعي مع الفساد المالي والإداري، وفساد تغلغل بكل المجالات، مع تراجع واضح في القيم والمبادئ والأخلاقيات والمثل الرفيعة والتهاون بالفضائل والتعاليم القويمة، كالصدق والأمانة والمروءة، والتعاون والتراحم والوفاء، وحب المبادرة في الأعمال الخيرية التي كانت من أهم سمات الإنسان العربي وصفة من صفاته الملازمة له عبر التاريخ، فهانت لدى الإنسان العربي فواجه بغيابها أنواعاً من المعاناة. إنها حصيلة مائة عام من الزمن في حياة الأمة كان يجب أن تكون مثار فخار وعطاء ونماء وإزهار، لا مثار سخرية في ظل واقع حافل بالمآسي والأزمات. إنها أسئلة الواقع المعاصر، في انتظار إجابات وافية لمقتضياتها. قال الشاعر: زمن خلت أيامهٌ وعهوده وتنكرت أترابُهُ ولداتُهُ إن حصيلة قرن من الزمان بالنسبة للأمة العربية هي مائة عام من التخلف.