لم نسمع عنه كثيراً ولم نعرفه بشكل أفضل، ولربما يعرفه كثيرون غيري, لكنه الرجل الذي اسمعنا في فترة قصيرة ووجيزة، ما لم يسمعنا غيره في عقود وسنوات طوال ، وعرفناه تمام المعرفة في بضع أشهر ليس إلا. اللواء الركن سالم قطن رحل عنا رحيل الابطال الميامين وترجل فارساً يقود معركة الوطن، فقلد رحل بجسده ، وبقيت وستبقى روحه وسيرته حية في ذاكرة الوطن والوطنية والتاريخ ما دامت السماوات والأرض. تحمل أمانة المسؤولية وعظمتها، ولم يتهرب أو يهاب منها أو يراوغ كما فعل غيره حينما سلموا أبين بعتادها وجيشها لانصار الدمار والحروب .. رحمة الله تغشاك يا شهيد الوطن سالم قطن ورحم الله كل الشهداء من جنود وأبناء ابين، فقد قدموا لنا دروساً عظيمة في التضحية والفداء والانتصار للوطن، وتأكد يقيناً أنه مهما خبث الزمن ففيه من الطيبين الأنقياء من ينتصر للحق وأهله، أصابتنا الاحداث والأيام والسنين الماضية بإحباط عميق ويأس كبيير من أن روح الوطنية تلاشت أو في طريقها إلى الفناء والزوال ، لكن الشهيد سالم قطن ورفاقه من قبل ومن بعد عكسوا غير ما كنا نعتقد، وتبين بأن الايام حبلى بكل الخيرين لأبناء الوطن وما أن تأتيهم اللحظات الفارقة إلا ويكونون عند حسن الظن بهم. اغتيال الشهيد قطن حادثة دبرت بليل وخطط لها بإتقان وفي لحظة غفلة وخيانة شاءت الأقدار أن تكون ، ولله الأمر من قبل ومن بعد، فالشهيد تعرض لعقوبة جراء وطنيته وإخلاصه للمسؤولية ، فلقد لقن أنصار الخراب والدمار ومن يقف وراءهم هزيمة قاسية وفي ظرف قياسي ولأول مرة في تاريخ اليمن ينتصر الجيش على القاعدة انتصاراً كبيراً، ومشرفاً أعاد الثقة للجيش بنفسه وأعاد الاعتبار له في الداخل والخارج، وتبين للعالم حقيقة استغلال النظام السابق لفزاعة الارهاب وحكاية تنظيم القاعدة، وبمجرد انتصار الجيش في أبين تعززت نفسية الجيش وكل أبناء الوطن بضرورة مواصلة المعركة ضد عناصر الارهاب، والتي لن تنتهي بهزيمتهم في أبين، بل لابد من تتبع كل أوكارهم حتى نصل إلى الانتصار عليهم في المعركة الفكرية والتي تغذي شبابا تائها بأن من وراء تفجيراتهم الحور العين والعياذ بالله وهي معركتنا القادمة والأهم معهم. جريمة اغتيال الشهيد قطن ينبغي ألا تمر بسلام، بل لابد من التحقيق وتتبع كل خيوط الخيانة والغدر اللذين يشيران إلى وجود خلل داخلي كبير، ولا بد من تعزيز الحماية وأخذ الحيطة والحذر لكل الشخصيات الوطنية في أي مكان فلربما تشهد الايام القادمة صورا متعددة ومتشابهة لما تعرض له الشهيد قطن، ويبدو أن مسلسلاً من الاغتيالات سيبدأ إن لم يوضع له ألف ألف حسبان. والعزاء لكل الوطن برحيل علماً من أعلام الوطنية الخالصة .. والرحمة والخلود لكل الشهداء.