كان الأوائل من أجداد اليمنيين أصل الإيمان والحكمة يرون في العشر الأولى أو الثلث الأول من شهر رمضان الكريم الخاصة بالرحمة؛ البداية العملية لتحقيق الهدف من الوجود في الحياة المتمثل في إعمار الأرض بما يرضي الخالق جل شأنه وعلا قدره، فقد سجلت الكتب السماوية وكتب التاريخ سير الأوائل من الأجداد من قبل ميلاد المسيح عليه السلام، حيث كان اليمنيون دعاة محبة وسلام يعمرون الأرض بالتعاطف والتراحم ونشر العدل، ولا أدل على ذلك مما دونه القرآن الكريم عن ملكة اليمن ورسالة نبي الله سليمان عليه السلام، وكيف تعامل الحكماء معها من أهل اليمن بما حقق الاستخلاف في الأرض. ثم إن التاريخ لم يغفل الأفعال الإنسانية لأهل اليمن ابتداءً من قصة كساء الكعبة المشرفة, ثم بناء مدينة يثرب المدينةالمنورة أو رسالة تبع اليماني الذي كتبها إلى نبي آخر الزمان وهو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسليم، حيث سلمت إليه عندما هاجر إلى المدينةالمنورة وكان محتواها إيمان أهل اليمن برسالة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته بألف عام، ولذلك كان الأوائل من الأجداد يرون في الثلث الأول من شهر رمضان الكريم البداية العملية لمراجعة الذات ومحاسبة النفس لمعرفة الأخطاء والانصراف عنها وإعلان التوبة ليفوز الإنسان بالرحمة ويجدد عمل الخير والعدل والتكافل والتراحم بين الناس لتسود المحبة بين أبناء المجتمع ويتحقق الوئام والوفاق. ولئن كانت تلك سجايا الأوائل من الأجداد فإن الخير والصلاح ما زال في الأحفاد الذين حملوا الأمانة وعظموا الرسالة المحمدية، ونحن على يقين بأن من كانت هذه هي سجايا أجدادهم فإنهم أكثر حرصاً على إيمانهم وحكمتهم، وهم اليوم يسجلون فعلاً جديداً من خلال الوفاق الوطني والحفاظ عليه، وما دمنا في شهر رمضان الكريم الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فإن على الحكماء وأهل الإيمان أن يكونوا قرآناً يتحرك على الأرض من أجل إزالة أسباب الفرقة وعوامل الفتنة والعودة بالناس إلى الحياة الآمنة والمستقرة التي تحقق إعمار الأرض بالإيمان والصلاح ونشر العدل والمساواة بين الناس بإذن الله.