خلال العديد من المحطات السياسية في المنطقة العربية أجادت الدبلوماسية السورية الاستفادة البراغماتية العملياتية من المتغيرات السياسية العاصفة في المنطقة، فيما يمكن تجييره على التماهي مع الحروب الباردة والساخنة، وبالوكالة الناجزة الشاملة. واليوم ينقلب السحر على الساحر، فتدور حروب إقليمية ودولية مؤكدة في الساحة السورية، ليصبح النظام العتيد طرفاً مباشراً فيها، بل وليدفع الثمن الأكبر في هذه الحرب الشاملة الخطيرة التي طالما راهن على إدارتها خارج حدوده ومناطق نفوذه. كامل الاصطفافات المُعلنة والمَخْفية في الشأن السوري تؤكد هذه الحقيقة، فالقراءات الإقليمية العربية للموقف تتّسم بالوحدة والتماسك التي تم التعبير عنها في اطار الإجماعين العربيين بالجامعة وأروقة الأممالمتحدة؛ ويصب الموقف العربي في العنوان العريض القائل بدعم الانتقال السلمي للسلطة على قاعدة الاتفاق بين البعث السوري والمعارضات التي تشرْعَنتْ بقوة الأمر الواقع،وهذا يذكرنا بذات البروفة اليمنية التي جاءت عطفاً على الإجماع الخليجي والدولي. وعلى خط مُتّصل تنال المبادرة العربية تأييداً كاسحاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما تتكسّر أمام الفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن الدولي، وفي سابقة لا نظير لها. ذلك أنه، ولأول مرة يتم تسجيل ثلاث محطات متتالية للفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن، مما يؤشر إلى انخراط نسيجي، لروسيا أولاً، ثم الصين في أُفق ما؛ في تأكيد مُتجدد على الشرخ الدولي الكبير في مقاربة المسألة السورية، ولا يخفى على أي لبيب أن هذا الشرخ يتمدد على مستويات شاملة في المنطقة (الأورو آسيوية) المحيطة بكامل روسيا الكبيرة، بالإضافة إلى الحرب التجارية المعلنة ضد الصين الفتيّة من طرف دول الغرب (الاورو أميركية)، وهو الأمر الذي جعل التنين الصيني يتنازل عن مرئيات الحكيم «صن تسو» القائلة بكيفية الانتصار في الحرب دون خوضها البتة!!. [email protected]