كان من الطبيعي أن يتحمل قادة الأمة العربية والإسلامية مسؤوليتهم التاريخية إزاء ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق من بطش وتنكيل وحرب إبادة وحشية.. وإن كان ما تضمنه بيان قمة مكة لا يرتقي إلى مستوى التحديات، ويمثل الحد الممكن، فإن حشد المواقف والطاقات لدعم نضال الشعب السوري ومساندة ثورته والاعتراف بمن يمثله فوراً والالتزام بتطبيق المقاطعة ضد النظام، هو المطلوب اليوم بصورة ملحة، فضلاً عما تضمنه البيان من تأكيد حول ضرورة صون وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها وإدانة إراقة الدماء والتشديد على تحمل السلطات السورية مسئولية استمرار العنف، وعدم استخدام العنف ضد المدنيين العزل والإفراج عن المعتقلين، بالإضافة لقرار القمة تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامية.. كل هذه القرارات وغيرها مما تضمنها البيان تمثل خطوات مهمة على طريق دعم الشعب السوري في نضاله التحرري. كما أنها مهمة على طريق العمل الإسلامي المشترك وتوحيد الصف في مواجهة التحديات والمخاطر التي تحيق بشعوب أمتنا العربية والإسلامية من الداخل والخارج. نعود لنقول: إن القرارات التي أسفرت عنها القمة تمثل الحد الممكن والمعقول على الأقل في المرحلة الراهنة التي لم تخرج فيها بعد شعوبنا الإسلامية وأنظمتها من أوضاع معقدة أفرزتها مراحل الصراعات والتباينات الكثيرة لأنظمة الحكم الاستبدادية المتخلفة مع ما للقوى المعادية من دور في زرع بذور التشرذم والشقاق بين أخوة الدين والدم والتاريخ والحضارة. إن فهم الأمة العربية والإسلامية لذاتها وقدرتها على التوحد لمجابهة التحديات التي تواجهها يعتمد إلى حد كبير على وعيها بالمخاطر المحيقة بها وبرسالتها ووجودها وعلى الوعي السياسي لقادتها وزعمائها وأنظمتها. وإذا كانت مسيرة مؤتمرات قادة الأمة الإسلامية قد اكتنفتها ظروف سادها المفهوم التقليدي لوحدة قضايا ومصالح ومصير هذه الأمة، وكانت هذه المؤتمرات في أكثر الأحيان أداة ديماغوجية للأنظمة السياسية التقليدية تضلل بها الجماهير والشعوب بما يكرس التجزئة والضعف والتخلف لضمان بقاء حكمها واستبدادها، فإن التحديات الراهنة وإفرازات ثورات الربيع العربي والشعور العام بالحاجة الضرورية للتغيير قد تحول إلى قوة دافعة وضاغطة ومحرك أساسي لنضال الملايين من شعوب أمة المسلمين.. وكان أن تبلورت مضامين معينة من ذلك في مؤتمر مكة الإسلامي، وهو ما جاء في نص البيان:”إن اجتماع الأمة الإسلامية ووحدة كلمتها هو سر قوتها، مما يستوجب عليها الأخذ بكل أسباب الوحدة والتضامن والتعاضد بين أبنائها”. [email protected]