مقتل 230 شخصاً وإصابة العشرات في سوريا, مقتل فلسطيني وإصابة العشرات في غارة إسرائيلية , مقتل أشخاص في السودان, مقتل وإصابة العشرات في هجوم أمريكي بطائرة بدون طيار في باكستان, مقتل.... في اشتباكات مسلحة بين الإخوة الفرقاء في الصومال, مقتل.... في لبنان, ومقتل... , ومقتل... ومقتل... هكذا تطالعنا عناوين الأخبار يومياً بالقتل والموت إقليمياً ومحلياً، وكأن القتل والموت أصبح ماركة عربية إسلامية مسجلة كل ذلك ونحن أمة القرآن؟(من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) نموت بأمر من الأنظمة وبأياديها التي تطالنا حتى في بطون أمهاتنا.. نموت كما تقتضي مصلحة الغرب في نص دراما المؤامرة اللامنتهية، وأخيراً نموت بالربيع الذي تخضبت كل أزهاره بالدم.. محلياً لسنا بمنأى عن الموت العربي والإسلامي وللموت كرامة وكرامة الميت دفنه مع سر موته بل وأحياناً مجهول الاسم والهوية، فلا ضير لدينا أيضاً ألا يحمل ذاك القبر شاهداً، فكلها قبور وكلها أسرار.. فأين كرامة الموت الموصى بها في ديننا الحنيف أم أن الكرامة اليوم أصبحت للقتلة والمجرمين؟. في آخر جُمع (مهلنيش) من شهر رمضان المبارك والتي تنظمها اللجنة التنظيمية للثورة وتختار تسمياتها بعناية بعيدة كل البعُد عن الواقع الثوري تدخل سيارة (ديانا) إلى الساحة وعلى متنها جثث متراصة بعضها فوق بعض وبشكل غير لائق وغير إنساني تطوي خطاها المشئومة ليفاجأ من في الساحة بان من عليها بشر لا والأمر من ذلك موتى على صدورهم أوراق كتب عليها (مجهول الهوية) فأين حرمة الموت واحترام الموتى وكرامتهم؟ تقام صلاة الميت على تلك الجثث (مجهولة الهوية) وعلى مسؤولية اللجنة التنظيمية لم تكن هذه الجريمة الوحيدة للجنة التنظيمية للثورة؛ ففي رصيدها الكثير والكثير ليس أولها أسماء تلك (الجُمع) التي لا تمت للواقع الثوري والإقصاء والتهميش وإلجام الفعل الثوري طيلة عام وأكثر على الثورة الشبابية وآخرها ما وصل إليه حال الثورة ومسخرة التصعيد الثوري الذي لا يتعدى تحريك المظلات ورفع الأصابع والوقوف على رجل واحدة، وللخلف دُر ولا آخرها الصلاة ودفن شهداء الثورة بسرعة فائقة وبتصاريح ثورية. الثوار في الساحة وبعد مُشادات ومد وجزر بينهم وبين اللجنة التنظيمية عن تلك الجثث المجهولة تفسر لهم اللجنة (الماء بالماء) كالعادة فتخبرهم بأن هذه (الجثث) لشهداء، لكن ليسوا من شهداء الثورة، وبأنهم مجرد أشخاص قضوا في حرب الحصبة ولم يتم التعرف عليهم على الرغم من مضي ما يزيد عن العشرة أشهر على التحفظ عليهم في ثلاجات مستشفى العلوم والتكنولوجيا والإعلان عنهم بوسائل الإعلام المختلفة لم يكن التلفزيون طبعاً أحد تلك الوسائل الإعلامية، وإلا لكنا رأيناهم على واحدة من قنواتنا الفضائية المحسوبة علينا أو على الأقل سمعنا بهم في قنوات محسوبة على الثورة والدفن تم بناء على أوامر من النيابة العامة هذا ما ذكرته اللجنة التنظيمية للشباب. تأخذ الجثث مرة أخرى من الساحة وبنفس الطريقة اللإنسانية والمهينة وعلى ذات مركبة الموت تدفن وهذه المرة بتميز جديد هو(مجهول الهوية)!! يتبع تلك الجريمة تصعيد ثوري خجول نشكر فيه الحس الإنساني لكل من شارك في تلك الوقفة الاحتجاجية المتواضعة يبقى ذلك التصعيد متواضعاً وخجولاً، ولا يتلاءم مع هول الجريمة التي حدثت بحق أولئك (مجهولي الهوية؟) الذين من المؤكد أن لهم أهلاً وأحبة باتوا يجهلون طعم الراحة والفرح منذ اختفاء أحبائهم، فهم معروفو المنزلة والقدر لديهم، لكنهم مجهولو القدر في وطن لا قدر وميزة فيه إلا للقتلة والمجرمين، وطن اعتدنا فيه أن ندفن موتانا وبصمت وإلى الأبد. كما يقولون يد واحدة لا تصفق، وصدق الأستاذ (نبيل سبيع) حين قال: إكرام اللجنة التنظيمية دفنها.. حقاً هي الأولى بالدفن... على صعيد آخر جاء خطاب الرئيس هادي الأخير قوياً وله وقع وطني وثوري في نفوسنا التائقة منذ مدة لمثل هكذا خطاب، كما أن الإعلان عن بدء تنفيذ قانون العدالة الانتقالية في سبتمبر يجعلنا نتنفس الصعداء وبحذر، فهل سنشهد هدوءاً واستقراراً واستتباباً للأمن واستقراراً للأوضاع ومن ثم البدء في سير التسوية السياسية دون منغصات من بقايا النظام السابق؟. هذا ما ستكشفه لنا الأيام المقبلة حين تبدأ الهيكلة الفعلية للجيش والمؤسسة العسكرية والتطبيق الفعلي لقانون العدالة الانتقالية.