تطلبت أجندة التوريث لدى علي عبد الله صالح سيطرة تامة على الأجهزة العسكرية والقوات المسلحة وكذلك الأجهزة الأمنية وقوات الأمن. وهو ما جرى الإمعان في تنفيذه منذ بدايات عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة بغرض تأمين حكمه أولاً، ثم في الجمهورية اليمنية عندما توسعت الأهداف لتشمل إدامة حكمه واستمرارية الحكم في عائلته،ولتحقيق السيطرة المطلوبة فقد جرى تكوين أجهزة وقوات عسكرية وأمنية موازية لوزارتي الدفاع والداخلية وخارجة عن سيطرتهما ومرتبطة مباشرة بالرئاسة. وجرى وضع أهل الثقة على رأس هذه الأجهزة والقوات العسكرية والأمنية، وكثير منهم من الأقارب وأفراد العشيرة، والكثير منهم إما شباب صغار السن بلا تجارب نشأوا وفي أفواههم ملاعق فضية وذهبية، وآخرون كبار سن مجربين يشبهون الصغار في كونهم جشعين وفاسدين، جل همهم الاستيلاء على القسم الأكبر من ميزانيات وحداتهم والاستيلاء على أملاك الدولة والمواطنين العقارية، والتسلط على مشروعات الدولة ومناقصاتها ومقاولاتها الإنشائية والنفطية، الأمر الذي بلغ درجة وصف معه في تقرير باصرة/ هلال الشهير حول أسباب التذمر في المحافظات الجنوبية والشرقية، بأنهم عبارة عن خمسة عشر متنفذاً جلهم من العسكريين نهبوا البلاد والعباد. وفي ظل هذه القيادات الخالية من الكفاءة من صغار السن أو كبار السن الجشعين، تهلهلت القوات المسلحة إلى الدرجة التي شاهدها القاصي والداني في معارك صعدة بجولاتها الخمس. وحيث أصبح كل متمرد أوخارج عن الدولة يتسلح من مستودعاتها التي ينهبها ويبيع محتوياتها القادة المتنفذون الفاسدون. وقد عم هذا التهلهل القوات البحرية، والبرية، والجوية التي غدت طائراتها تتساقط كالفراش دون أن تتلقى طلقة أو قذيفة. بسبب تدني مستوى العاملين عليها. في العام الماضي تمكنت مجاميع من قبائل نهم تابعة للإصلاح من اقتحام مقر اللواء “62” حرس جمهوري القابع في منطقة “بيت دهرة” التابعة لمديرية بني الحارث صنعاء، وخاضت القبائل معارك عنيفة كبدت فيها اللواء خسائر فادحة في العتاد والعنصر البشري. والحال أن الذين اشتبكوا ويشتبكون مع معسكرات الحرس الجمهوري والأمن المركزي عناصر قبلية تابعة للتجمع اليمني للإصلاح طبقاً لتقارير صحفية عديدة. وقد أدت هذه الاشتباكات إلى فرط عقد فرقة عسكرية كاملة مكونة من ثلاثة ألوية وقوامها خمسة آلاف جندي وضابط في الجوف والاستيلاء على كامل معداتها لتستخدم من قبل الشيخين الإصلاحيين في القتال ضد الحوثيين حماية للحدود السعودية كما قالا طبقاً لصحيفة الوسط، ليرتفع مستوى القتال القبلي الأهلي إلى مستوى القتال بالدبابات وراجمات الصواريخ.. ومع الجوف استولى القبائل الاصلاحيون على مواقع لواءين في نهم وهم يقاتلون أيضاً للاستيلاء على مواقع ألوية في أرحب الى اليوم. وكذلك كان الحال في أبين التي أصبحت مرتعاً للجهاديين من كل نحلة بعضهم على الأقل تابعون للإصلاح . وها هي هجماتهم قد امتدت الى حضرموت بعد شبوة. واللافت أن الارهابيين لايتعرضون بسوء للألوية التابعة للفرقة. هذه التصرفات غير المسئولة من قبل البعض تمهد للصوملة عبر تآكل معسكرات الجيش اليمني وألويته المختلفة وعبر نهب وتدمير المؤسسات الحكومية ومقراتها من صنعاء إلى الجوف إلى معظم المحافظات الجنوبية ، المنهوبة حقوقهم والذين يعيشون أوضاعا مزرية. إن استمرار الانفلات الأمني، ورعونة الاصلاح الذي يدفع النظام إلى جولة جديدة من الحرب في صعدة، قد يعجل بانهيار السلطة في صورة تمردات متعددة في المحافظات الشمالية والوسطى، من شأنها في ظل ارتخاء قبضة السلطة نتيجة لذلك على المحافظات الجنوبية والشرقية، إلى ظهور مشروع الدولة الجنوبية المستقلة كأمر واقع.